الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1346 16 – حدثنا أبو اليمان قال : أخبرنا شعيب ، قال : حدثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي فيه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، ورجاله قد ذكروا غير مرة وأبو اليمان الحكم بن نافع وشعيب بن أبي حمزة الحمصي وأبو الزناد بالزاي والنون ذكوان ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فيفيض " من فاض الإناء إذا امتلأ ، وأفاضه ملأه ، واشتقاقه من الفيض .

                                                                                                                                                                                  وفي المغرب : فاض الماء إذا انصب على امتلائه ، وأفاض الماء صبه عن كثرة ، قوله : " حتى يهم " بفتح الياء وضم الهاء من الهم بفتح الهاء ، وهو ما يشغل القلب من أمر يهم به . قوله : " رب المال " منصوب ; لأنه مفعول يهم ، وقوله : " من يقبل " ، فاعله من همه الشيء أحزنه ، ويروى يهم بضم الياء وكسر الهاء من أهمه الأمر إذا أقلقه فعلى هذا أيضا الإعراب مثل الأول ; لأن كلا من يهم بفتح الياء ويهم بضمها متعد ، يقال : همه الأمر وأهمه ، وقال النووي - رحمه الله تعالى - في شرح مسلم - رضي الله تعالى عنه - : ضبطوه بوجهين ، أشهرهما بضم أوله وكسر الهاء ، ورب المال مفعول ، والفاعل من يقبل ، أي : يحزنه ، والثاني بفتح أوله وضم الهاء ورب المال فاعل ، ومن مفعوله ، أي : يقصد ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : فهم من ذلك أنهم فرقوا بين البابين فجعلوا الأول متعديا من الإهمام ، والثاني متعديا من الهم بمعنى القصد ، فجعلوا رب المال مفعولا في الأول وفاعلا في الثاني ، قوله : " لا أرب لي فيه " ، أي : لا حاجة لي فيه ، وهو بفتحتين لا غير ، وقال الكرماني : كأنه سقط كلمة فيه من الكتاب .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : السقط كأنه كان في نسخته ، وهو موجود في النسخ ، وقال أيضا : وقد وجدت في أيام الصحابة هذه الحال كانت تعرض عليهم الصدقة فيأبون قبولها .

                                                                                                                                                                                  ( قلت ) : كان هذا لزهدهم وإعراضهم عن الدنيا ، ولم يكن لفيض من المال ، وكانوا يعرضون عنها مع قلة المال وكثرة الاحتياج .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية