ثم شرع في فقال : ( ولا تؤخذ مريضة ولا معيبة ) بما يرد به في البيع وهو عطف عام على خاص لقوله تعالى { أسباب النقص في الزكاة وهي خمسة : المرض والعيب والذكورة والصغر ورداءة النوع ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون } ولخبر { } ( إلا من مثلها ) بأن تمحضت ماشيته منها ، ولا تؤثر الخنوثة في ابن اللبون وإن كانت في البيع عيبا ; لأن المستحقين شركاء فكانوا كبقية الشركاء فتكفي مريضة متوسطة ومعيبة من الوسط ، فإن ولا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المتصدق أخرج واحدا كاملا أو أكثر برعاية القيمة كأربعين شاة نصفها مراض أو معيب ، وقيمة كل صحيحة ديناران وكل مريضة أو معيبة دينار لزمه صحيحة بدينار ونصف دينار ، وإن لم يكن فيها إلا صحيحة فعليه صحيحة بتسعة وثلاثين جزءا من أربعين جزءا من قيمة مريضة أو معيبة وبجزء من أربعين جزءا من قيمة صحيحة وذلك دينار وربع عشر دينار ، وعلى هذا فقس ، وإذا اختلف ماله نقصا وكمالا واتحد جنسا أجزأه صحيحة بالقسط ومريضة . كان الصحيح من ماشيته دون قدر الواجب كأن وجب شاتان في غنم ليس فيها إلا صحيحة
( ولا ) يؤخذ ( ذكر ) لورود النص بالإناث ( إلا إذا وجب ) كابن اللبون والحق والذكر في الشاة في الإبل فيما مر والتبيع في البقر ( وكذا لو تمحضت ) ماشيته ( ذكورا في الأصح ) كما تؤخذ المريضة والمعيبة من مثلهما ، ولأن في تكليفه التحصيل مشقة عليه كما مر نظيره ، فعلى هذا يؤخذ في ست وثلاثين ابن لبون أكثر قيمة من ابن لبون يؤخذ في خمس وعشرين عند فقد بنت المخاض لئلا يسوى بين النصابين ، ويعرف ذلك بالتقويم والنسبة ، فلو كانت خمس والعشرون إناثا وقيمتها ألف وقيمة بنت المخاض منها مائة ، وبتقدير كونها ذكورا قيمتها خمسمائة وقيمة ابن مخاض [ ص: 58 ] منها خمسون فيجب ابن لبون قيمته خمسون فيجب أن يكون قيمة المأخوذ في ست وثلاثين اثنين وسبعين بنسبة زيادة الست والثلاثين على الخمس والعشرين وهي خمسان وخمس خمس ، ومقابل الأصح لا يجوز إلا الأنثى للتنصيص على الإناث في الحديث .
نعم لو تعدد الواجب وليس عنده إلا أنثى فإنه لم يتمحض ، ومع ذلك يجزئه إخراج ذكر مع الأنثى الموجودة ، وإيراد هذه على عبارة المصنف نظرا إلى أنها لم تتمحض ، وأجزأه إخراج ذكر غير صحيح ; لأن هذه حالة ضرورة نظير ما مر في السليم والمعيب ، ومحل الخلاف في الإبل والبقر ، أما الغنم فالمذهب القطع بإجزاء الذكر ( و ) يؤخذ ( في الصغار صغيرة في الجديد ) لقول أبي بكر رضي الله عنه : والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه . رواه ، البخاري
والعناق هي الصغيرة من الغنم ما لم تجذع ، وتتصور بأن تموت الأمهات وقد تم حولها ، والنتاج صغير أو ملك نصابا من صغار المعز وتم لها حول فيؤخذ من ست وثلاثين فصيلا فصيل فوق المأخوذ من خمس وعشرين ، وفي ست وأربعين فوق المأخوذ من ست وثلاثين ، وعلى هذا فقس ، والقديم لا تؤخذ إلا كبيرة لكن دون الكبيرة المأخوذة من الكبار في القيمة لعموم الأخبار ، ومحل إجزاء الصغير إذا كان من الجنس ، فلو كان من غيره كخمسة أبعرة صغار ، وأخرج الشاة لم يجز إلا ما يجزئ في الكبار ، ذكره في الكفاية ، وتقدم مثله في المريض ، ولو كان بعضها صغارا وبعضها كبارا وجب إخراج كبيرة بالقسط كما مر في نظائره ، وإن كانت في سن فوق سن فرضه لم يكلف الإخراج منها بل له تحصيل السن الواجب ، وله الصعود والنزول في الإبل كما تقدمبضم الراء وتشديد الباء الموحدة والقصر وهي الحديثة العهد بالنتاج شاة كانت أو ناقة أو بقرة ، ويطلق عليها هذا الاسم إلى خمسة عشر يوما من ولادتها ، قاله [ ص: 59 ] ( ولا ) تؤخذ ( ربى ) الأزهري إلى شهرين سميت بذلك ; لأنها تربي ولدها ( و ) لا ( أكولة ) وهي بفتح الهمزة وضم الكاف مع التخفيف المسمنة للأكل كما قاله في المحرر ( و ) لا ( حامل ) إذ في أخذها أخذ حيوانين بحيوان ، وألحق بها في الكفاية عن الأصحاب التي طرقها الفحل لغلبة حمل البهائم من مرة واحدة بخلاف الآدميات ، وإنما لم تجز في الأضحية ; لأن مقصودها اللحم ولحمها رديء وهنا مطلق الانتفاع ، وهو بالحامل أكثر لزيادة ثمنها غالبا ، والحمل إنما يكون عيبا في الآدميات ( و ) لا ( خيار ) عام بعد خاص ، ويظهر ضبطه بأن يزيد قيمة بعضها بوصف آخر غير ما ذكر على قيمة كل من الباقيات ، وأنه لا عبرة هنا بزيادة لأجل نحو نطاح ، وأنه إذا وجد وصف من أوصاف الخيار التي ذكروها لا يعتبر معه زيادة قيمة ولا عدمها والأصل في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم والجوهري { لمعاذ } ولقول إياك وكرائم أموالهم عمر رضي الله عنه : ولا تؤخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض : أي الحامل ، ولا فحل الغنم .
نعم لو كانت ماشيته كلها كذلك أخذ منها إلا الحوامل فلا يطالب بحامل منها لما مر كما نقله الإمام عن صاحب التقريب وارتضاه واستحسنه ( إلا برضا المالك ) في الجميع ; لأنه محسن بالزيادة ، قال تعالى { ما على المحسنين من سبيل }