200- فاذكروا الله كذكركم آباءكم كانوا في الجاهلية إذا فرغوا من حجهم ذكروا آباءهم بأحسن أفعالهم. فيقول أحدهم: كان أبي يقري الضيف ويصل الرحم ويفعل كذا ويفعل كذا. قال الله عز وجل: فاذكروني كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا ; فأنا فعلت ذلك بكم وبهم.
201- آتنا في الدنيا حسنة أي نعمة. وقال في موضع آخر: إن تصبك حسنة تسؤهم أي نعمة. [ ص: 80 ]
202- أولئك لهم نصيب مما كسبوا أي لهم نصيب من حجهم بالثواب.
203- واذكروا الله في أيام معدودات أيام التشريق. والأيام المعلومات: عشر ذي الحجة .
204- ألد الخصام أشدهم خصومة. يقال: رجل ألد، بين اللدد. وقوم لد. والخصام جمع خصم. ويجمع على فعول وفعال. يقال: خصم وخصام وخصوم.
205- وإذا تولى أي فارقك.
سعى في الأرض أي: أسرع فيها.
ليفسد فيها ويهلك الحرث يعني الزرع.
والنسل يريد الحيوان. أي يحرق ويقتل ويخرب.
206- ولبئس المهاد أي الفراش. ومنه يقال: مهدت فلانا إذا وطأت له. ومهد الصبي منه.
207- ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله أي [ ص: 81 ] يبيعها. يقال: شريت الشيء; إذا بعته واشتريته. وهو من الأضداد.
208- ادخلوا في السلم كافة الإسلام. وتقرأ في السلم بفتح السين أيضا وأصل السلم والسلم الصلح. فإذا نصبت اللام فهو الاستسلام والانقياد. قال: ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام أي استسلم وانقاد.
كافة أي جميعا.
* * *
210- هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله أي: هل ينتظرون إلا ذلك يوم القيامة.
وقضي الأمر أي فرغ منه.
213- كان الناس أمة واحدة أي ملة واحدة. يعني كانوا كفارا كلهم.
214- مستهم البأساء الشدة.
والضراء البلاء.
وزلزلوا خوفوا وأرهبوا.
* * *
215- يسألونك ماذا ينفقون أي: ماذا يعطون ويتصدقون؟
قل ما أنفقتم ما أعطيتم.
من خير أي: من مال. [ ص: 82 ]
216- كتب عليكم القتال أي: فرض عليكم الجهاد.
وهو كره لكم أي مشقة.
217- يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه أي يسألونك عن القتال في الشهر الحرام: هل يجوز؟ فأبدل قتالا من الشهر الحرام.
قل قتال فيه كبير أي: القتال فيه عظيم عند الله. وتم الكلام. ثم قال: وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وخفض المسجد الحرام نسقا على سبيل الله. فكأنه قال: وصد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام، وكفر به; أي بالله.
وإخراج أهله منه أي: أهل المسجد منه.
أكبر عند الله يريد: من القتال في الشهر الحرام.
والفتنة أكبر من القتل أي: الشرك أعظم من القتل.
حبطت أعمالهم أي بطلت.
* * *
219- والميسر القمار. وقد ذكرناه في سورة المائدة، وذكرنا النفع به.
ويسألونك ماذا ينفقون أي: ماذا يتصدقون ويعطون؟
قل العفو يعني: فضل المال. يريد: أن يعطي ما فضل عن قوته وقوت عياله. ويقال: "خذ ما عفا لك" أي: ما أتاك سهلا بلا إكراه ولا مشقة. [ ص: 83 ] ومنه قوله عز وجل: خذ العفو وأمر بالعرف ; أي: اقبل من الناس عفوهم، وما تطوعوا به من أموالهم; ولا تستقص عليهم.
* * *
220- ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير أي تثمير أموالهم، والتنزه عن أكلها لمن وليها - خير.
وإن تخالطوهم فتواكلوهم.
فإخوانكم فهم إخوانكم; حكمهم في ذلك حكم إخوانكم من المسلمين.
والله يعلم المفسد من المصلح أي: من كان يخالطهم على جهة الخيانة والإفساد لأموالهم، ومن كان يخالطهم على جهة التنزه والإصلاح.
ولو شاء الله لأعنتكم أي: ضيق عليكم وشدد. ولكنه لم يشأ إلا التسهيل عليكم. ومنه يقال: أعنتني فلان في السؤال; إذا شدد علي وطلب عنتي، وهو الإضرار. يقال: عنتت الدابة، وأعنتها البيطار; إذا ظلعت.
221- ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن أي: لا تتزوجوا الإماء المشركات . [ ص: 84 ] ولا تنكحوا المشركين [أي: لا تزوجوا المشركين] المسلمات حتى يؤمنوا .
* * *
222- ولا تقربوهن حتى يطهرن أي: ينقطع عنهن الدم. يقال: طهرت وطهرت; إذا رأت الطهر، وإن لم تغتسل بالماء. ومن قرأ (يطهرن أراد: يغتسلن بالماء. والأصل: "يتطهرن". فأدغم التاء في الطاء.
* * *
223- نساؤكم حرث لكم كناية . وأصل الحرث: الزرع. أي: هن للولد كالأرض للزرع. [ ص: 85 ] فأتوا حرثكم أنى شئتم أي: كيف شئتم .
وقدموا لأنفسكم في طلب الولد.
224- ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا يقول: لا تجعلوا الله بالحلف به - مانعا لكم من أن تبروا وتتقوا. ولكن إذا حلفتم على أن لا تصلوا رحما، ولا تتصدقوا، ولا تصلحوا; وعلى أشباه ذلك من أبواب البر -: فكفروا، وأتوا الذي هو خير.
225- لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ; واللغو في اليمين: ما يجري في الكلام على غير عقد. ويقال: اللغو أن تحلف على الشيء ترى أنه كذلك وليس كذلك. يقول: لا يؤاخذكم الله بهذا.
ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم أي: بما تحلفون عليه وقلوبكم متعمدة، وتعلمون أنكم فيه كاذبون.
* * *
226- يؤلون من نسائهم يحلفون. يقال: أليت من امرأتي أولي [ ص: 86 ] إيلاء; إذا حلف أن لا يجامعها. والاسم الألية.
فإن فاءوا أي رجعوا إلى نسائهم.
228- يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وهي الحيض: وهي: الأطهار أيضا . واحدها قرء. ويجمع على أقراء أيضا. قال الأعشى:
وفي كل عام أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالا وفي الحي رفعة ... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
فالقروء في هذا البيت الأطهار. لأنه لما خرج للغزو: لم يغش نساءه، فأضاع قروءهن; أي أطهارهن.
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المستحاضة: " تقعد عن الصلاة أيام أقرائها " ; يريد أيام حيضها. قال الشاعر:
يا رب ذي ضغن علي فارض ... له قروء كقروء الحائض [ ص: 87 ] فالقروء في هذا البيت: الحيض. يريد: أن عدواته تهيج في أوقات معلومة، كما تحيض المرأة لأوقات معلومة.
وإنما جعل الحيض قرأ والطهر قرأ: لأن أصل القرء في كلام العرب: الوقت. يقال: رجع فلان لقرئه، أي لوقته الذي كان يرجع فيه. ورجع لقارئه أيضا. قال الهذلي:
كرهت العقر عقر بني شليل ... إذا هبت لقارئها الرياح
أي لوقتها. فالحيض يأتي لوقت، والطهر يأتي لوقت.
ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن يعني: الحمل .
وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ; يريد: الرجعة ما لم تنقض الحيضة الثالثة.
ولهن على الأزواج، مثل الذي عليهن للأزواج.
وللرجال عليهن في الحق درجة أي: فضيلة . [ ص: 88 ] * * *
229- الطلاق مرتان يقول: الطلاق الذي يملك فيه الرجعة تطليقتان.
فإمساك بعد ذلك، بمعروف أو تسريح بإحسان أي: تطليق الثالثة بإحسان.
إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله أي: يعلمان أنهما لا يقيمان حدود الله.
فإن خفتم ألا يقيما حدود الله أي: علمتم ذلك.
فلا جناح عليهما أي: لا جناح على المرأة والزوج.
فيما افتدت به المرأة نفسها من الزوج.
230- إن ظنا أن يقيما حدود الله يريد: إن علما أنهما يقيمان حدوده.
* * *
231- ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ; كانوا إذا طلق أحدهم امرأته: فهو أحق برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة; فإذا أراد أن يضر بامرأته: تركها حتى تحيض الحيضة الثالثة، ثم راجعها. ويفعل ذلك في التطليقة الثالثة. فتطويله عليها هو: الضرار.
* * *
232- فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن أي: لا تحبسوهن. يقال: عضل الرجل أيمه; إذا منعها من التزويج .
إذا تراضوا بينهم بالمعروف يعني: تزويجا صحيحا. [ ص: 89 ]
233- وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف أي: على الزوج إطعام المرأة والوليد والكسوة على قدر الجدة.
لا تكلف نفس إلا وسعها أي: طاقتها.
لا تضار والدة بولدها بمعنى: لا تضارر. ثم أدغم الراء في الراء. أي: لا ينزع الرجل ولدها منها فيدفعه إلى مرضع أخرى، وهي صحيحة لها لبن.
ولا مولود له بولده يعني: الأب. يقال: إذا أرضعت المرأة صبيها وألفها، دفعته إلى أبيه: تضاره بذلك.
وعلى الوارث مثل ذلك يقول: إذا لم يكن للصبي أب، فعلى وارثه نفقته.
و (الفصال : الفطام. يقال: فصلت الصبي; إذا فطمته. ومنه قيل للحوار - إذا قطع عن الرضاع -: فصيل. لأنه فصل عن أمه. وأصل الفصل: التفريق.
234- فإذا بلغن أجلهن أي: منتهى العدة .
فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف أي: لا جناح عليهن في التزويج الصحيح.
235- ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء وهو: أن يعرض للمرأة في عدتها بتزويجه لها، من غير تصريح بذلك. فيقول لها: والله [ ص: 90 ] إنك لجميلة، وإنك لشابة. وإن النساء لمن حاجتي ; ولعل الله أن يسوق إليك خيرا. هذا وما أشبهه.
ولكن لا تواعدوهن سرا أي: نكاحا . يقول: لا تواعدوهن بالتزويج - وهن في العدة - تصريحا بذلك.
إلا أن تقولوا قولا معروفا لا تذكرون فيه نكاحا ولا رفثا.
ولا تعزموا عقدة النكاح أي لا تواقعوا عقدة النكاح .
حتى يبلغ الكتاب أجله ; يريد: حتى تنقضي العدة التي كتب على المرأة أن تعتدها. أي فرض عليها.
واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه أي: يعلم ما تحتالون به في ذلك على مخالفة ما أراد; فاحذروه.
* * *
236- أو تفرضوا لهن فريضة يعني: المهر.
ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره أي: أعطوهن متعة الطلاق على قدر الغنى والفقر.
237- فنصف ما فرضتم من المهر. أي: فلهن نصف ذلك.
إلا أن يعفون [ ص: 91 ] أي: يهبن.
أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح يعني: الزوج.
وهذا في المرأة: تطلق من قبل أن يدخل بها، وقد فرض لها المهر. فلها نصف ما فرض لها; إلا أن تهبه، أو يتمم لها الزوج الصداق كاملا.
وقد قيل: إن الذي بيده عقدة النكاح: الأب . يراد: إلا أن يعفو النساء عما يجب لهن من نصف المهر، أو يعفو الأب عن ذلك; فيكون عفوه جائزا عن ابنته.
وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم حضهم الله على العفو.
* * *
238- والصلاة الوسطى صلاة العصر. لأنها بين صلاتين في النهار، وصلاتين في الليل.
وقوموا لله قانتين أي: مطيعين. ويقال: قائمين. ويقال: ممسكين عن الكلام.
والقنوت يتصرف على وجوه قد بينتها في "المشكل" . [ ص: 92 ]
239- فإن خفتم يريد: إن خفتم عدوا.
فرجالا أي: مشاة; جمع راجل. مثل قائم وقيام.
أو ركبانا يقول: تصلي ما أمنت قائما; فإذا خفت صليت: راكبا، وماشيا. والخوف هاهنا بالتيقن، لا بالظن .
* * *
243- ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم على جهة التعجب. كما تقول: ألا ترى ما يصنع فلان!!
246- الملإ من بني إسرائيل وجوههم وأشرافهم.
* * *
247- وزاده بسطة في العلم والجسم أي: سعة في العلم والجسم. وهو من قولك: بسطت الشيء; إذا كان مجموعا: ففتحته ووسعته.
248- إن آية ملكه أي: علامة ملكه.
فيه سكينة السكينة فعيلة: من السكون .
وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ; يقال: شيء من المن الذي كان ينزل عليهم، وشيء من رضاض الألواح.
249- مبتليكم بنهر أي: مختبركم. [ ص: 93 ] قال الذين يظنون أنهم ملاقو الله أي يعلمون.
كم من فئة الفئة: الجماعة.
* * *