الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإنما ينعقد بالنية )

                                                                                                                            ش : تصوره ظاهر ، وذكر ابن غازي أنه احتج للقول بانعقاده بمجرد النية لقوله في المدونة : ومن قال : إنه محرم يوم أن كلم فلانا فهو يوم يكلمه محرم ، قال وقول ابن عبد السلام : لم أر لمتقدم في انعقاده بمجرد النية - نصا - قصور ( قلت : ) ظاهر كلامه : أن المذهب في المسألة المذكورة انعقاد الإحرام يوم يفعل ذلك بمجرد النية ، وأنه يكون محرما من غير تجديد إحرام ، وليس كذلك فقد ذكر ابن يونس وأبو الحسن والرجراجي وغيرهم أن هذا قول سحنون ، وأن مذهب مالك وابن القاسم أنه لا يكون محرما بذلك حتى ينشئ الإحرام قال في التوضيح : واستشكل اللخمي قول سحنون ، وقال : وهو حقيق بالإشكال ، فإن الإحرام عبادة تفتقر إلي نية ، وقد بينت ذلك في باب النذر .

                                                                                                                            ص ( وإن خالفها لفظه )

                                                                                                                            ش : يعني أن المعتبر ما نواه ، ولا يعتبر ما تلفظ به إذا خالف النية قال ابن الحاجب : ولو اختلف عقده ونطقه فالعقد على الأصح قال في التوضيح : كما لو نوى الإفراد بلفظ القران أو بالعكس والأصح : اعتبار نيته ، وليس في المذهب من صرح بالعمل على ما تلفظ به كما تعطيه عبارته ، وانظر بقية الكلام على المسألة في حاشيتي على المناسك ( فرع ) : لو كان في نفسه الحج مفردا فسها حينئذ فقرن ثم رجع إلى ذكر ما في نفسه فلا ينفعه ذلك بعد ما وقع القران نقله سند ، وهو واضح ، فإن هذا وقت الإحرام بنية القران ، ولفظ بالقران يخالف ما ذكره الشيخ ، فإن ذلك نيته مثل الإفراد ، وإنما سبق لفظه إلى القران ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( ولا دم ، وإن بجماع )

                                                                                                                            ش : قوله : ولا دم من تتمة المسألة الأولى ، وهي [ ص: 45 ] مسألة مخالفة اللفظ النية ، ما ذكره هو أحد قولي مالك قال في التوضيح : قال في العتبية : ثم رجع مالك ، وقال : عليه دم ، قال المصنف في مناسكه : والأول : أقيس وقوله : وإن بجماع مسألة مستقلة كما شرحه على ذلك الشارح في الشرح الصغير ، وعلى ذلك شرحه الشراح ، وجمع في الكبير بين قوله : ولا دم وقوله : وإن بجماع ، وكذلك يوجد في بعض نسخ الأوسط ، وذلك يوهم أنه متعلق بقوله : وإن بجماع ، وصرح بذلك في الشامل ، فقال : وينعقد بنية وقول كتلبية أو فعل كتوجه بطريق ، وإن بجماع ، ولا دم وتمادى وقضى فقوله في الشامل : لا دم إن أراد به نفي هدي الفساد المترتب على إيقاع الإحرام حالة الجماع فلا قائل به ، فإنه قد صرح سند بأنه إذا أحرم ، وهو بجماع انعقد إحرامه فاسدا ، وكان عليه تمامه وقضاؤه ، ولازم ذلك وجوب الهدي ، ولا إشكال في ذلك ، ولعله في الشامل أراد نفي وجوب الدم لكونه أوقعه حالة الجماع ( تنبيهات الأول : ) اعترض ابن غازي على المصنف بأنه سلم هذا الفرع مع أنه يقول : لا ينعقد بمجرد النية ( قلت : ) ويجاب بأنه ليس في كلام المصنف تسليم لذلك ، وإنما قال : ينعقد في حالة الجماع يريد مع قول كالتلبية بأن ينوي ويلبي ، وهو يجامع أو يفعل كأن يكون في محفة ، وهو سائر متوجه إلى مكة فينوي الإحرام في حالة الجماع ، وهو متوجه ، وإذا لم يقل المصنف بانعقاد الإحرام بمجرد النية لمن يكون في المسجد متطهرا فأحرى أن لا ينعقد لمن يجامع بالنية وحدها ( الثاني : ) إن قيل : لم لزمه في الحج القضاء ، وفي الصوم إذا طلع عليه الفجر ، وهو يجامع فنزعه لا يلزمه قضاء قيل : ; لأنه في الحج أدخل ذلك على نفسه بخلاف الصوم ، فإنه لا اختيار له في طلوع الفجر وعدمه والظاهر : أنه يجب عليه النزع كما في الصوم ، ولم أر من نص عليه ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية