قال : ( وإذا لم يجزئه الاعتداد بالركوع والسجود الذي أحدث فيه ) ; لأن الحدث قد نقضه ، ومعنى [ ص: 188 ] هذا أن القياس أن يفسد جميع الصلاة بالحدث تركناه بالنص المجوز للبناء على الصلاة ، فبقي معمولا به في حق الركن الذي أحدث فيه ; لأن انتقاض ذلك الركن لا يمنع من البناء ، ولأن تمام الركن بالانتقال عنه ، ولا يمكن أن يجعل رفع رأسه بعد الحدث إتماما لذلك الركن ; لأنه جزء من صلاته ، وأداء جزء من صلاته بعد سبق الحدث مفسد لصلاته ، وإذا جاء بعد الوضوء فعليه إتمام ذلك الركن ، ولا يمكنه إتمامه إلا بإعادته فعليه الإعادة لهذا أحدث الرجل في ركوعه أو سجوده فذهب وتوضأ وجاء
قال : ( فإن مكث الرجل راكعا كما هو حتى يكون قدر ركوعه ) ; لأن الاستدامة فيما يستدام كالإنشاء ، والثاني قائم مقام الأول ، وعلى الأول إنشاء الركوع فعلى الثاني استدامته أيضا ، فإن لم يحدث ولكن تذكر في الركوع في الركعة الثانية أنه ترك سجدة من الركعة الأولى فخر ساجدا ثم رفع رأسه ، فإن احتسب بذلك الركوع جاز ، وإن أعاده فهو أحب إلي ; لأن تذكره السجود غير ناقض لركوعه ، ولأن رفع رأسه يمكن أن يجعل إتماما للركوع بعد تذكره السجدة ، ألا ترى أنه لو أخرها إلى آخر صلاته جاز ، فلهذا كان له أن يعتد به ، والإعادة أفضل ; لأنه ما قصد إتمام الركن بالانتقال عنه إنما قصد إذا تذكر ، وقال كان إماما فأحدث وهو راكع فتأخر وقدم رجلا - رحمه الله - عليه أن يعيد القيام والقراءة والركوع ; لأن من أصله أن مراعاة الترتيب في أفعال الصلاة ركن واجب فالتحقت هذه السجدة بمحلها وبطل ما أدى من القيام والقراءة والركوع لترك الترتيب ، فأما عندنا مراعاة الترتيب ليست بركن ألا ترى أن المسبوق يبدأ بما أدرك مع الإمام فيه ، ولو كان الترتيب ركنا لما جاز له تركها بعذر الجماعة كالترتيب بين الصلوات ، ولئن كان الترتيب واجبا فقد سقط بعذر النسيان . وعن زفر رحمه الله تعالى أن عليه إعادة الركوع لا محالة ، وهو بناء على أصله أن القومة التي بين الركوع والسجود ركن حتى لو تركها لا تجوز صلاته ، وأصل المسألة أن أبي يوسف مؤكدة أو واجب عند الاعتدال في أركان الصلاة سنة أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - وعند ومحمد أبي يوسف - رحمهما الله تعالى - هو ركن ، حتى إنه إن لم يتم ركوعه وسجوده في الصلاة ولم يقم صلبه تجوز صلاته عند والشافعي أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - ويكره أشد الكراهة ، وروي عن ومحمد رحمه الله تعالى قال : أخشى أن لا تجوز صلاته ، وعند أبي أبي حنيفة يوسف - رحمهما الله تعالى - لا تجوز صلاته أصلا لحديث { والشافعي } الحديث ورأى الأعرابي ، فإنه دخل المسجد وخفف فقال له عليه الصلاة والسلام : ارجع فصل ، فإنك لم تصل حتى فعل ذلك ثلاثا ، ثم حين [ ص: 189 ] علمه قال : له اركع حتى يطمئن كل عضو منك ، ثم ارفع رأسك حتى يطمئن كل عضو منك رجلا يصلي ولا يتم الركوع والسجود ، فقال : مذ كم تصلي هكذا ، فقال : مذ كذا ، فقال : إنك لم تصل منذ كذا ، ومثل هذا لا يعلم بالرأي ، وإنما يقال سماعا . حذيفة بن اليمان
( ولنا ) ما روي { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في المسجد مع أصحابه فدخل رجل وصلى وخفف فلما خرج أساءوا القول فيه فقالوا : أخرها ثم لم يحسن أداءها ، فقال عليه الصلاة والسلام : ألا أحد يشتري صلاته منه ، فخرج رضي الله عنه فاشتراها بدرهم فأبى فما زال يزيد حتى ضجر الرجل ، فقال : لو أعطيتني ملء الأرض ذهبا ما بعتكها ، فعاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ، فقال : ألم أنهكم عن المصلين أبو هريرة } فقد جعل فعله صلاة معتبرة ، وسئل رضي الله تعالى عنهما عن صلاة الأعراب الذين ينقرون نقرا ، فقال : ذلك خير من لا شيء ، ولأن الركنية لا تثبت إلا باليقين ، وإنما ورد النص بالركوع والسجود ، ومطلق الاسم يتناول الأدنى فبقيت الركنية بذلك القدر ، والزيادة على ذلك للإكمال ، ولكن ترك ما هو لإكمال الفريضة مما ليس بركن لا يفسده ، وقد نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الأعرابي فيما علمه ، فإنه قال : { ابن عباس } . إذا عرفنا هذا فنقول عند إذا فعلت ذلك فقد أتممت صلاتك ، وإن نقصت من ذلك فقد نقصت صلاتك رحمه الله تعالى القومة التي بين الركوع والسجود ركن ، فإنه إذا تذكر السجدة في الركوع إما السجدة الصلاتية أو التلاوية فخر لها ساجدا ولم يأت بتلك القومة فعليه إعادة الركوع ليأتي بتلك القومة . وعندنا تلك القومة ليست بركن فتركها لا يفسد الصلاة والأولى الإعادة ليأتي بها . ثم قدر الركن من الركوع أدنى الانحطاط على وجه يسمى راكعا في الناس ، وفي السجود إمساس جبهته أو أنفه على الأرض عند أبي يوسف رحمه الله تعالى ، والمفروض من الرفع بين السجدتين قدر ما يزايل جبهته وأنفه الأرض ليتحقق به الفصل بين السجدتين . وقال بعض مشايخنا - رحمهم الله تعالى - : لا يجوز إلا أن يرفع بقدر ما يكون إلى القعود أقرب منه إلى السجود ، والأول أقيس . أبي حنيفة