( قال ) فعليهم ضمان القيمة للمولى ; لأنهم أقروا عند الرجوع أنهم أتلفوا ماليته بشهادتهم عليه بالعتق وبالزنا بغير حق ويضربون الحد لإقرارهم أنه كان عفيفا وبطلان معنى الشهادة من كلامهم عند رجوعهم ، وإن أربعة شهدوا على عبد أن مولاه أعتقه ، وأنه قد زنى ، وهو محصن فرجم ثم رجعوا عن شهادة الزنا والعتقفعلى شاهدي العتق جميع القيمة للمولى ; لأن تلف المالية كان بشهادتهما عليه بالعتق وعلى الآخرين نصف الدية للورثة ; لأنه بقي على الشهادة بالزنا من يستحق بشهادته نصف النفس ، فإنما انعدمت الحجة في النصف ، فلهذا ضمن الراجعان نصف الدية وعليهما الحد ، وإن شهد اثنان منهم على العتق فأعتقه ثم شهدا مع آخرين على الزنا عليه فرجم ثم رجع شاهدا العتق عن العتق ، ولم يرجعا عن الزنا ورجع الآخران عن الزنا ضمنا قيمته للمولى ، ولم يضمنا من دية المرجوم شيئا ; لأنه قد بقي على الشهادة بالزنا حجة تامة . شهد الرجلان على عتقه فأعتقه ثم شهد هو وآخر مع شاهدي العتق على رجل بالزنا فرجمه ثم رجعا عن العتق جميعا
( فإن قيل ) كيف يستقيم هذا ، وفي زعمهما أنه عبد ، ولا شهادة له على الزنا .
( قلنا ) ولو لا ضمان على الشهود ، ولا يمكن إيجاب ضمان النفس عليهما من أجل شهادتهما بعتقه ; لأنه ما رجم لعتقه ، وإنما رجم لزناه ، وقيل على قياس قول شهد أربعة على الزنا فرجم ثم ظهر أن أحد الشهود عبد رحمه الله تعالى ينبغي أن يجب الضمان عليهما ; لأنه يقول المزكي للشهود إذا رجع ضمن وهما بشهادتهما بحرية الشاهد صارا مزكيين له ، وقد رجعا عن التزكية فينبغي أن يجب عليهما الضمان ، ولكن الأصح أن لا يجب ; لأن أبي حنيفة فلا يمكن جعل شهادتهما بالعتق تزكية للشاهد معهما على الزنا ، ولأن قضاء القاضي بالعتق لا يبطل برجوعهما فتبقى الحجة على الزنا تامة ، فلهذا لم يضمنا من دية المرجوم شيئا ، ولا حد عليهما الشاهد على الزنا لا يصح أن يكون مزكيا للشاهد معه