( قال ) ، ولا يسعه إلا ذلك لقوله تعالى { وينبغي للقاضي إذا أشكل عليه شيء أن يسأل من هو أفقه منه فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } { } ، ولأنه مأمور بالقضاء بحق ، ولا يتصل إلى ذلك فيما أشكل عليه إلا بالسؤال فلا يسعه إلا ذلك ، فإن أشار عليه ذلك الذي هو أفقه منه في رأي نفسه بما هو خطأ عند القاضي فعليه أن يقضي بما هو الصواب عنده إذا كان يبصر وجوه الكلام ; لأنه مأمور شرعا بالاجتهاد إذا كان مستجمعا شرائطه . وقال صلى الله عليه وسلم هلا سألوه إذا لم يعرفوه ، وإنما شفاء العي السؤال
ولا يحل للمجتهد أن يدع رأيه برأي غيره ، وإن كان أفقه منه ، فقد يسبق وجه الصواب في حادثة لإنسان ويشتبه على غيره ، وإن كان أفقه منه ، وإن ترك رأيه وعمل بقول ذلك الفقيه كان موسعا عليه أيضا ; لأن هذا نوع اجتهاد منه ، فإن عند تعارض الأقاويل ترجيح قول من هو أفقه منه نوع اجتهاد ، ألا ترى أن القاضي إذا لم يكن مجتهدا واختلف العلماء في حادثة كان عليه أن يأخذ بقول من هو أفقه عنده ويكون ذلك اجتهاد مثله ، وهنا أيضا إذا قدم رأي من هو أفقه منه على رأي نفسه كان ذلك نوع اجتهاد منه فكان موسعا عليه والله أعلم بالصواب .