( قال ) وإذا درئ الحد عنهما في قول شهدوا عليهما بالزنا فقال : اثنان طاوعته ، وقال آخران : استكرهها رحمه الله تعالى وقال أبي حنيفة أبو يوسف رحمهما الله تعالى يحد الرجل وحده لهما أن الحجة في جانب الرجل تمت موجبة للحد فإنما الاختلاف بينهم في حالها ، وذلك لا يغير حكم الفعل في جانبه فإن الكل لو اتفقوا أنها كانت طائعة أو مكرهة يجب الحد على الرجل وهذا ; لأن الزنا فعلان من الرجل والمرأة ، وإنما يقام الحد على كل واحد منهما بفعله ، وقد اتفقوا على وجود الفعل الموجب للحد على الرجل ومحمد رحمه الله طريقان : أحدهما ، أن كل اثنين شهدا بفعل آخر فما لم يتفق الأربعة على الفعل الواحد لا يثبت الزنا كما لو اختلفوا في المكان والزمان ، وبيانه أن شاهدي الطواعية شهدا بفعل مشترك بينهما فإنها إذا كانت طائعة كانت شريكة له في الفعل حتى تشاركه في إثم الفعل وشاهدا الإكراه شهدا بفعل تفرد به الرجل ; لأنه لا شركة للمرأة في الفعل إذا كانت مكرهة حتى لا تشاركه في إثم الفعل والفعل المشترك غير الفعل الذي تفرد به الرجل ، وقولنا إن الزنا فعلان يعني من حيث الحكم فأما في الحقيقة [ ص: 68 ] الفعل واحد ولهذا لو تمكنت الشبهة من أحد الجانبين يصير ذلك شبهة في إسقاط الحد عن الآخر والطريق الثاني ما ذكره ولأبي حنيفة أن الذين شهدوا أنها طاوعته صاروا قاذفين لها ملتزمين حد القذف لولا شهادة الآخرين أنه زنى بها وهي مكرهة فكانا خصمين ولا شهادة للخصم ، وإنما لا يقام حد القذف عليهما بشهادة آخرين بمنزلة من قذف امرأة ثم أقام شاهدين أنها زنت ، وهي مكرهة سقط الحد عن القاذف ولأن اعتبار عدد الأربعة في الشهادة على الزنا الموجب للحد وهذه شهادة على سقوط إحصانها ; لأن زنا المكرهة لا يوجب حد الزنا عليها بحال ، وسقوط الإحصان يثبت بشهادة شاهدين . الطحاوي
وبيان هذا الطريق فيما ذكره في الكيسانيات قال : لو محمد فعند شهد ثلاثة أنها طاوعته وواحد أنها مكرهة رحمه الله لا يقام الحد على الشهود ، وعند أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله يقام على الثلاثة حد القذف بخصومتها ; لأنهم صاروا قاذفين لها ، والشاهد على سقوط إحصانها واحد وبشهادة واحد لا يثبت الإحصان وهذا ; لأن المكرهة لا فعل لها فتكون هذه الشهادة في حقها بمنزلة ما لو امتنع الرابع من أداء الشهادة . ومحمد
( قال ) ولو فليس على هذا الواحد حد القذف لها بشهادة الباقي بسقوط إحصانها هذا كله بناء على ظاهر المذهب أن المكرهة على الزنا يسقط إحصانها ، وقد روي عن شهد ثلاثة : أنه استكرهها وواحد أنها طاوعته رحمه الله تعالى أنه لا يسقط إحصانها بفعلها . أبي يوسف
ووجه ظاهر الرواية أنها ممكنة من وطء حرام فإن الإكراه لا يعدم لها الفعل خصوصا فيما لا يصلح أن تكون المكرهة آلة للمكره ولأنها مضطرة إلى ذلك ، وذلك لا يمنع سقوط إحصانها