وإن فهو حانث عندنا ، وقال حلف لا يهب لفلان هبة فوهب ولم يقبل فلان أو قبل ولم يقبض رحمه الله تعالى : لا يحنث ; لأن الهبة عقد تمليك كالبيع وفي البيع لا يحنث ما لم يقبل المشتري ; لأن الملك لا يحصل قبل قبوله فكذلك في الهبة ، ولهذا قال زفر رحمه الله تعالى في البيع : لو باعه بيعا فاسدا لم يحنث حتى يقبضه المشتري ، ولكنا نقول : الهبة تبرع وذلك يتم في جانب المتبرع بفعله ; لأنه إيجاب لا يقابله استيجاب وذلك يتم بالموجب في حقه كالإقرار بخلاف البيع فإنه معاوضة وإيجاب يقابله استيجاب ، والدليل عليه العرف فإن الرجل يقول : وهبت لفلان فرد علي هبتي ، وأهديت إليه فرد علي هديتي وكذلك كل عقد هو تبرع كالصدقة والقرض حتى لو زفر حنث ، إلا في رواية عن حلف لا يقرض فلانا شيئا فأقرضه ولم يقبل رحمه الله تعالى قال : في القرض لا يحنث كما في البيع فإن القرض عقد ضمان فإنه يوجب ضمان المثل على المستقرض وذلك لا يحصل إلا بقبضه وعلى هذه الرواية يفرق [ ص: 11 ] أبي يوسف رحمه الله تعالى بين هذا وبين ما إذا حلف لا يستقرض فإنه يحنث إذا طلب القرض من آخر . أبو يوسف
وإن لم يقرضه ; لأن السين في قوله استقرضت لمعنى السؤال فإنما شرط حنثه طلب القرض ، وقد وجد بخلاف ما لو حلف لا يقرض أو حلف لا يهب فأمر غيره حتى فعل حنث وكذلك لو حلف لا يكسوه أو لا يحمله على دابة ; لأن هذا من العقود التي لا تتعلق الحقوق فيها بالعاقد ، ألا ترى أنه يقال : كسا الأمير فلانا ؟ وإنما أمر غيره به .