( 7436 ) مسألة قال ويقاتل أهل الكتاب والمجوس ، ولا يدعون ، لأن الدعوة قد بلغتهم ويدعى عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا أما قوله في أهل الكتاب والمجوس : لا يدعون قبل القتال . فهو على عمومه ; لأن الدعوة قد انتشرت وعمت ، فلم يبق منهم من لم تبلغه الدعوة إلا نادر بعيد . وأما قوله : . فليس بعام ، فإن من بلغته الدعوة منهم لا يدعون ، وإن وجد منهم من لم تبلغه الدعوة ، دعي قبل القتال ، وكذلك إن وجد من يدعى عبدة الأوثان قبل أن يحاربوا أهل الكتاب من لم تبلغه الدعوة ، دعوا قبل القتال .
قال إن الدعوة قد بلغت وانتشرت ، ولكن إن جاز أن يكون قوم خلف أحمد الروم وخلف الترك ، على هذه الصفة ، لم يجز قتالهم قبل الدعوة .
وذلك لما روى قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم { بريدة } رواه إذا بعث أميرا على سرية أو جيش ، أمره بتقوى الله في خاصته ، وبمن معه من المسلمين ، وقال : إذا لقيت عدوك من المشركين ، فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال ، فأيتهن أجابوك إليها فاقبل منهم ، وكف عنهم ; ادعهم إلى الإسلام ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، فإن هم أبوا ، فادعهم إلى إعطاء الجزية ، فإن أجابوك فاقبل منهم ، وكف عنهم ، فإن أبوا ، فاستعن بالله عليهم وقاتلهم أبو داود . ومسلم ،
وهذا يحتمل أنه كان في بدء الأمر قبل انتشار الدعوة ، وظهور الإسلام ، فأما اليوم ، فقد انتشرت الدعوة ، فاستغني بذلك عن الدعاء عند القتال ، قال كان النبي يدعو إلى الإسلام قبل أن يحارب ، حتى أظهر الله الدين وعلا الإسلام ، ولا أعرف اليوم أحدا يدعى ، قد بلغت الدعوة كل أحد ، أحمد والروم قد بلغتهم الدعوة ، وعلموا ما يراد منهم ، وإنما كانت الدعوة في أول الإسلام ، وإن دعا فلا بأس .
وقد روى رضي الله عنه { ابن عمر بني المصطلق ، وهم غارون آمنون ، وإبلهم تسقى على الماء ، فقتل المقاتلة ; وسبى الذرية } متفق عليه ، وعن أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على الصعب بن جثامة ، قال : سمعت { } . متفق عليه . رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن الديار من ديار المشركين ، يبيتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم ، فقال هم منهم
وقال : { سلمة بن الأكوع أبا بكر ، فغزونا ناسا من المشركين ، فبيتناهم . } رواه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو داود ، ويحتمل أن يجعل الأمر بالدعوة في حديث على الاستحباب ، فإنها مستحبة في كل حال ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { بريدة حين أعطاه الراية يوم عليا ، خيبر وبعثه إلى قتالهم ، أن يدعوهم ، وهم ممن بلغتهم الدعوة } . رواه أمر . ودعا البخاري خالد بن الوليد حين تنبأ ، فلم يرجع ، فأظهره الله عليه ، ودعا طليحة الأسدي أهل سلمان فارس . فإذا ثبت هذا ، فإن كان المدعو من أهل الكتاب ، أو مجوسا ، دعاهم إلى الإسلام ، فإن أبوا ، دعاهم إلى إعطاء الجزية ، فإن أبوا قاتلهم ، وإن كانوا من غيرهم ، دعاهم إلى [ ص: 173 ] الإسلام ، فإن أبوا ، قاتلهم ، ومن قتل قبل الدعاء لم يضمن ; لأنه لا إيمان له ولا أمان ، فلم يضمن ، كنساء من بلغته الدعوة وصبيانهم .