( 4404 ) مسألة قال : ( ومن وقف في مرضه الذي مات فيه ، أو قال : هو وقف بعد موتي . ولم يخرج من الثلث ، وقف منه بقدر الثلث ، إلا أن تجيز الورثة ) وجملته أن ، بمنزلة الوصية ، في اعتباره من ثلث المال ; لأنه تبرع ، فاعتبر في مرض الموت من الثلث ، كالعتق والهبة الوقف في مرض الموت
وإذا خرج من الثلث ، جاز من غير رضا الورثة ولزم ، وما زاد على الثلث ، لزم الوقف منه في قدر الثلث ، ووقف الزائد على إجازة الورثة . لا نعلم في هذا خلافا عند القائلين بلزوم الوقف ; وذلك لأن حق الورثة تعلق بالمال بوجود المرض ، فمنع التبرع بزيادة على الثلث ، كالعطايا والعتق . فأما إذا قال : هو وقف بعد موتي . فظاهر كلام أنه يصح ، ويعتبر من الثلث كسائر الوصايا الخرقي
وهو ظاهر كلام الإمام . وقال أحمد : لا يصح هذا ; لأنه تعليق للوقف على شرط ، وتعليق الوقف على شرط غير جائز ، بدليل ما لو علقه على شرط في حياته ، وحمل كلام القاضي على أنه قال : قفوا بعد موتي . [ ص: 366 ] فيكون وصية بالوقف لا إيقافا . الخرقي
وقال : قول أبو الخطاب هذا يدل على جواز تعليق الوقف على شرط . ولنا على الخرقي ، ما احتج به الإمام صحة الوقف بالمعلق بالموت رضي الله عنه أن أحمد وصى ، فكان في وصيته : هذا ما أوصى به عمر عبد الله أمير المؤمنين إن حدث به حدث ، أن ثمغا صدقة . وذكر بقية الخبر وقد ذكرناه في غير هذا الموضع ، ورواه عمر أبو داود بنحو من هذا ، وهذا نص في مسألتنا ، ووقفه هذا كان بأمر النبي صلى الله عليه وسلم
ولأنه اشتهر في الصحابة ، فلم ينكر ، فكان إجماعا ، ولأن هذا تبرع معلق بالموت ، فصح كالهبة والصدقة المطلقة ، أو نقول : صدقة معلقة بالموت ، فأشبهت غير الوقف . ويفارق هذا التعليق على شرط في الحياة ، بدليل الهبة المطلقة ، والصدقة ، وغيرهما ، وذلك لأن هذا وصية ، والوصية أوسع من التصرف في الحياة ، بدليل جوازها بالمجهول والمعدوم ، وللمجهول ، وللحمل
وغير ذلك ، وبهذا يتبين فساد قياس من قاس على هذا الشرط بقية الشروط .