( 4203 ) فصل : وإن ، فقال أجر الولي الصبي ، أو ماله مدة ، فبلغ في أثنائها : ليس له فسخ الإجارة ; لأنه عقد لازم ، عقده بحق الولاية ، فلم يبطل بالبلوغ ، كما لو باع داره أو زوجه . ويحتمل أن تبطل الإجارة فيما بعد زوال الولاية ، على ما ذكرنا في إجارة الوقف . ويحتمل أن يفرق بين ما إذا أجره مدة يتحقق بلوغه في أثنائها ، مثل إن أجره عامين وهو ابن أربع عشرة ، فتبطل في السادس عشر ; لأننا نتيقن أنه أجره فيها بعد بلوغه . وهل تصح في الخامس عشر ؟ على وجهين ، بناء على تفريق الصفقة أبو الخطاب
وبين ما إذا لم يتحقق بلوغه في أثنائها ، كالذي أجره في الخامس عشر وحده ، فبلغ في أثنائه ، فيكون فيه ما قد ذكرنا في صدر الفصل ; لأننا لو قلنا : يلزم الصبي بعد البلوغ بعقد الولي مدة يتحقق بلوغه فيها ، أفضى إلى أن يعقد على جميع [ ص: 273 ] منافعه طول عمره ، وإلى أن يتصرف فيه في غير زمن ولايته عليه ، ولا يشبه النكاح ; لأنه لا يمكن تقدير مدته ، فإنه إنما يعقد للأبد . وبهذا قال . وقال الشافعي : إذا بلغ الصبي ، فله الخيار ; لأنه عقد على منافعه في حال لا يملك التصرف في نفسه ، فإذا ملك ، ثبت له الخيار ، كالأمة إذا أعتقت تحت زوج أبو حنيفة
ولنا أنه عقد لازم ، عقد عليه قبل أن يملك التصرف ، فإذا ملكه لم يثبت له الخيار ، كالأب إذا زوج ولده . وما قاسوا عليه إنما يثبت لها الخيار إذا عتقت تحت عبد ، لأجل العيب ، لا لما ذكره ، ولهذا لو عتقت تحت حر ، لم يثبت لها الخيار . وإن مات الولي المؤجر للصبي أو ماله ، أو عزل ، وانتقلت الولاية إلى غيره ، لم يبطل عقده ; لأنه تصرف ، وهو من أهل التصرف ، في محل ولايته ، فلم يبطل تصرفه بموته أو عزله ، كما لو مات ناظر الوقف أو عزل ، أو مات الحاكم بعد تصرفه فيما له النظر فيه . ويفارق ما لو أجر الموقوف عليه الوقف مدة ، ثم مات في أثنائها
لأنه أجر ملك غيره بغير إذنه ، في مدة لا ولاية له فيها ، وها هنا إنما يثبت للولي الثاني الولاية في التصرف فيما لم يتصرف فيه الأول ، وهذا العقد قد تصرف فيه الأول ، فلم تثبت للثاني ولاية على ما تناوله .