الحالة الخامسة ، إذا ، فالقول قول الموكل ; لأن الأصل عدم الوكالة ، فلم يثبت أنه أمينه ليقبل قوله عليه . اختلفا في أصل الوكالة ، فقال : وكلتني . فأنكر الموكل
ولو ، فالقول قوله ; لذلك . ولو قال : وكلتك ، ودفعت إليك مالا . فأنكر الوكيل ذلك كله ، أو اعترف بالتوكيل ، وأنكر دفع المال إليه ، فالقول قوله . نص عليه قال رجل لآخر : وكلتني أن أتزوج لك فلانة ، بصداق كذا ، ففعلت . وادعت المرأة ذلك ، فأنكر الموكل ، فقال : إن أقام البينة ، وإلا لم يلزم الآخر عقد النكاح . قال أحمد : ولا يستحلف . أحمد
قال : لأن الوكيل يدعي حقا لغيره . فأما إن ادعته المرأة ، فينبغي أن يستحلف ; لأنها تدعي الصداق في ذمته ، فإذا حلف لم يلزمه الصداق ، ولم يلزم [ ص: 62 ] الوكيل منه شيء ; لأن دعوى المرأة على الموكل ، وحقوق العقد لا تتعلق بالوكيل . ونقل القاضي إسحاق بن إبراهيم عن ، أن الوكيل يلزمه نصف الصداق ; لأن الوكيل في الشراء ضامن للثمن ، وللبائع مطالبته به ، كذا هاهنا . والأول أولى ; لما ذكرناه . أحمد
ويفارق الشراء ; لأن الثمن مقصود البائع ، والعادة تعجيله وأخذه من المتولي للشراء ، والنكاح يخالفه في هذا كله ، ولكن إن كان الوكيل ضمن المهر ، فلها الرجوع عليه بنصفه ; لأنه ضمنه عن الموكل ، وهو مقر بأنه في ذمته . وبهذا قال ، أبو حنيفة ، وأبو يوسف . والشافعي
وقال : يلزم الوكيل جميع الصداق ; لأن الفرقة لم تقع بإنكاره ، فيكون ثابتا في الباطن ، فيجب جميع الصداق . ولنا ، أنه يملك الطلاق ، فإذا أنكر فقد أقر بتحريمها عليه ، فصار بمنزلة إيقاعه لها تحرم به . قال محمد بن الحسن : ولا تتزوج المرأة حتى يطلق ، لعله يكون كاذبا في إنكاره . وظاهر هذا تحريم نكاحها قبل طلاقها ; لأنها معترفة بأنها زوجة له ، فيؤخذ بإقرارها ، وإنكاره ليس بطلاق . أحمد
وهل يلزم الموكل طلاقها ؟ يحتمل أن لا يلزمه ; لأنه لم يثبت في حقه نكاح ، ولو ثبت لم يكلف الطلاق . ويحتمل أن يكلفه ، لإزالة الاحتمال ، وإزالة الضرر عنها بما لا ضرر عليه فيه . فأشبه النكاح الفاسد . ولو ، لم ترثه المرأة ، إلا أن يصدقه الورثة ، أو يثبت ببينة . وإن أقر الموكل بالتوكيل في التزويج ، وأنكر أن يكون الوكيل تزوج له ، فهاهنا الاختلاف في تصرف الوكيل ، والقول قول الوكيل فيه ، فيثبت التزويج هاهنا . ادعى أن فلانا الغائب وكله في تزوج امرأة ، فتزوجها له ، ثم مات الغائب
وقال : لا يثبت . وهو قول القاضي ، لأنه لا تتعذر إقامة البينة عليه ، لكونه لا ينعقد إلا بها . وذكر أن أبي حنيفة نص عليه . وأشار إلى نصه فيما إذا أنكر الموكل الوكالة من أصلها . ولنا ، أنهما اختلفا في فعل الوكيل ما أمر به ، فكان القول قوله ، كما لو أحمد . وكله في بيع ثوب فادعى أنه باعه ، أو في شراء عبد بألف فادعى أنه اشتراه به
وما ذكره القاضي من نص فيما إذا أنكر الموكل الوكالة ، فليس بنص هاهنا ; لاختلاف أحكام الصورتين وتباينهما ، فلا يكون النص في إحداهما نصا في الأخرى . وما ذكره من المعنى لا أصل له ، فلا يعول عليه . ولو أحمد ، فالقول قوله ، والنكاح الأول بحاله . غاب رجل ، فجاء رجل آخر إلى امرأته ، فذكر أن زوجها طلقها وأبانها ، ووكله في تجديد نكاحها بألف . فأذنت له في نكاحها ، فعقد عليها ، وضمن الوكيل الألف ، ثم جاء زوجها فأنكر هذا كله
وقياس ما ذكرناه أن المرأة إن صدقت الوكيل ، لزمه الألف ، إلا أن يبينها زوجها قبل دخوله بها . وحكي ذلك عن ، مالك . وحكي عن وزفر ، أبي حنيفة ، أنه لا يلزم الضامن شيء ; لأنه فرع عن المضمون عنه ، ولم يلزم المضمون عنه شيء ، فكذلك فرعه . والشافعي
ولنا ، أن الوكيل مقر بأن الحق في ذمة المضمون عنه ، وأنه ضامن عنه ، فلزمه ما أقر به ، كما لو ادعى على رجل أنه ضمن له ألفا على أجنبي ، فأقر الضامن بالضمان وصحته وثبوت الحق في ذمة المضمون عنه ، وكما لو ، فإن الشفيع يستحق الشفعة في أصح الوجهين . وإن لم تدع المرأة صحة ما ذكره الوكيل ، فلا شيء عليه . ادعى شفعة على إنسان في شقص اشتراه ، فأقر البائع بالبيع ، وأنكره المشتري
ويحتمل أن من أسقط عنه الضمان أسقطه في هذه الصورة ، ومن أوجبه أوجبه في الصورة الأخرى ، فلا يكون فيها اختلاف . والله أعلم .