الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            الحال الرابعة ، أن يختلفا في الرد ، فيدعيه الوكيل ، فينكره الموكل ، فإن كان بغير جعل ، فالقول قول الوكيل ; لأنه قبض المال لنفع مالكه ، فكان القول قوله ، كالمودع ، وإن كان بجعل ، ففيه وجهان ; أحدهما ، أن القول قوله ; لأنه وكيل ، فكان القول قوله ، كالأول . والثاني ، لا يقبل قوله ; لأنه قبض المال لنفع نفسه ، فلم يقبل قوله في الرد كالمستعير وسواء اختلفا في رد العين ، أو رد ثمنها . وجملة الأمناء على ضربين ; أحدهما ، من قبض المال لنفع مالكه لا غير ، كالمودع والوكيل بغير جعل ، فيقبل قولهم في الرد ; لأنه لو لم يقبل قولهم لامتنع الناس من قبول هذه الأمانات ، فيلحق الناس الضرر . الثاني ، من ينتفع بقبض الأمانة ، كالوكيل بجعل ، والمضارب ، والأجير المشترك ، والمستأجر ، والمرتهن ، ففيهم وجهان . ذكرهما أبو الخطاب .

                                                                                                                                            وقال القاضي : لا يقبل قول المرتهن والمستأجر والمضارب في الرد ; لأن أحمد نص عليه في المضارب ، في رواية ابن منصور ، ولأن من قبض المال لنفع نفسه ، لا يقبل قوله في الرد . ولو أنكر الوكيل قبض المال ، ثم ثبت ذلك ببينة ، أو اعتراف ، فادعى الرد أو التلف ، لم يقبل قوله ; لأن خيانته قد ثبتت بجحده . فإن أقام بينة بما ادعاه من الرد أو التلف ، فهل تقبل بينته ؟ على وجهين ; أحدهما ، لا تقبل ; لأنه كذبها بجحده ، فإن قوله : ما قبضت . يتضمن أنه لم يرد شيئا .

                                                                                                                                            والثاني : تقبل ; لأنه يدعي الرد والتلف قبل وجود خيانته . وإن كان جحوده أنك لا تستحق علي شيئا ، أو ما لك عندي شيء ، سمع قوله مع يمينه ; لأن جوابه لا يكذب ذلك ، فإنه إذا كان قد تلف أو رد ، فليس له عنده شيء . فلا تنافي بين القولين ، إلا أن يدعي أنه رده أو تلف بعد قوله : ما لك عندي شيء . فلا يسمع قوله أيضا ; لثبوت كذبه وخيانته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية