الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ولو ) كان تجدد الملك بالمعاوضة لعقار ( موصى ببيعه للمساكين ) أي لأجلهم أي لأجل تفرقة ثمنه عليهم ففيه الشفعة للورثة إذا كان شقصا ، أوصى الميت ببيعه من الثلث ليفرق ثمنه ( على الأصح ، والمختار ) لدخول الضرر عليهم ، والميت أخر البيع لوقت لم يقع فيه البيع إلا بعد ثبوت الشركة ، وهو بعد الموت ، وقال سحنون لا شفعة ; لأن بيع الوصي كبيع الميت ( لا ) شفعة لوارث من معين ( موصى له ببيع جزء ) من دار الميت من ثلثه ، والثلث يحمله ; لأن الميت [ ص: 476 ] قصد نفع الموصى له ويجب تقييده بما إذا كانت كلها للميت كما أشرنا له ، أما إذا كانت بينه وبين أجنبي ، أو بينه وبين الوارث لوجب الأخذ بالشفعة لكونه شريكا لا وارثا ( عقارا ) مفعول لأخذ شريك المضاف لفاعله ، وهو بيان للمأخوذ بالشفعة ، والعقار هو الأرض وما اتصل بها من بناء وشجر فلا شفعة في حيوان ، أو عرض إلا تبعا كما يأتي ( ولو ) كان العقار ( مناقلا به ) ، والمناقلة بيع العقار بمثله : وله صور منها أن يكون لشخص حصة من دار ولآخر حصة من أخرى فناقل كل منهما الآخر فلشريك كل منهما الأخذ بالشفعة ممن ناقل شريكه ويخرجان معا من الدارين ، .

التالي السابق


( قوله أي لأجلهم ) أي لأجل تفرقة إلخ ، أشار بهذا إلى أن اللام في قوله للمساكين تعليلية وفي الكلام حذف لا أنها صلة لبيع ; لأنه إذا ، أوصى ببيع حصة للمساكين لم يكن للورثة أخذ بالشفعة اتفاقا .

وحاصل كلام المصنف أن الشخص إذا ، أوصى ببيع جزء من عقاره بعد موته يحمله الثلث لأجل أن يفرق ثمنه على المساكين ففعل فإن الورثة يقضى لهم بأخذ ذلك المبيع بالشفعة ممن اشتراه على الأصح عند الباجي ، والمختار عند اللخمي قال الباجي ; لأن الموصى لهم بثمنه ، وإن كانوا غير معينين فهم شركاء للورثة بائعون بعد ملكهم بقية الدار ، وقد ذكر ذلك عن ابن المواز وقال به ابن الهندي ، ومقابله ما لسحنون لا شفعة للورثة ; لأن بيع الوصي كبيع الميت في حال حياته ، والميت إذا باع حصة في داره ليس لورثته أخذها من المشتري بالشفعة ; لأنه لم يتجدد ملكه عليهم ، بل ملكه سابق على ملكهم كما أن ذلك المشتري ليس له أن يأخذ بالشفعة من الورثة ومحل الخلاف إذا كان العقار كله ملكا للميت أما لو كان مشتركا بينه وبين أجنبي ، ، أو بينه وبين وارثه فالشفعة ثابتة للشريك اتفاقا من حيث كونه شريكا لا وارثا ( قوله لدخول الضرر عليهم ) أي على الورثة بالبيع لغيرهم وقوله ، والميت إلخ جملة حالية ( قوله إلا بعد ثبوت الشركة ) أي بين الورثة ، والموصى لهم ولذا كان للورثة الأخذ بالشفعة لتجدد ملك المشتري ( قوله من معين ) أي من شخص معين ، أوصى له الميت ببيع جزء من عقاره يحمله الثلث فاشترى ذلك الموصى له بعد موت الموصي وتقييد الشارح بمعين تبعا لتت يقتضي أن الموصي ببيعه للمساكين للوارث أخذه بالشفعة وليس كذلك [ ص: 476 ] كما جزم به عج ، والتعليل المذكور يقتضي ذلك .

والحاصل أنه لا شفعة للوارث في الشقص الذي ، أوصى الميت ببيعه لمعين ، أو لغير معين على الصواب ( قوله قصد نفع الموصى له ) أي ، وأخذ الوارث منه بالشفعة يبطل ما قصده مورثه ( قوله بما إذا كانت كلها للميت ) أي ، وأوصى ببيع ثلثها لشخص معين ( قوله فناقل كل منهما الآخر ) أي سواء كانت المناقلة بقصد الإرفاق بكل ، أو على وجه المشاحة .




الخدمات العلمية