الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وحبس النساء ) في دين أو غيره ( عند أمينة ) منفردة عن الرجال ( أو ) عند امرأة ( ذات ) رجل ( أمين ) معروف بالخير والصلاح من اشتراط [ ص: 281 ] زوج أو أب أو ابن ( و ) حبس ( السيد ) في دين عليه ( لمكاتبه ) إذا لم يحل من نجوم الكتابة ما يفي بالدين ولم يكن في قيمة الكتابة ما يفي به ( والجد ) يحبس لولد ابنه ( والولد لأبيه ) وأمه ( لا العكس ) أي لا يحبس الوالد لولده ( كاليمين ) فللوالد أن يحلف ولده لا العكس ( إلا ) اليمين ( المنقلبة ) من الولد على والده كأن يدعي على ابنه بحق فأنكره الابن ولم يحلف لرد دعواه فردت على الأب فيحلفها الأب اتفاقا ( و ) إلا ( المتعلق بها حق لغيره ) أي غير الابن كدعوى الأب تلف صداق ابنته بلا تفريط منه وطالبه الزوج بجهازها فيحلف الأب ، وكذا إذا ادعى الأب أنه أعار ابنته شيئا من جهازها قبل السنة فيحلف كما قدمه المصنف .

التالي السابق


( قوله عند أمينة ) أي لا يخشى على المرأة إذا حبست عندها أي والأمرد البالغ والخنثى المشكل يحبس وحده أو عند محرم وغير البالغ لا يحبس ( قوله أو ذات أمين ) عطف على محذوف كما قدره الشارح ليفيد [ ص: 281 ] اشتراط الأمانة فيها أيضا مع عدم الانفراد ولا يصح عطفه على أمينة ; لأن العطف بأو يقتضي المغايرة فيقتضي عدم اشتراط أمانتها وليس كذلك ( قوله والسيد لمكاتبه ) كذا في المدونة قال ابن عرفة ابن محرز عن سحنون هذا إذا كان الدين أكثر مما على المكاتب من الكتابة ، وأما إن كان الدين مثلها أو أقل منها لم يحبس ; لأن للسيد بيع الكتابة بنقد ا هـ بن ، وقوله في دين عليه لمكاتبه أي حال وامتنع من أدائه ، وقوله لمكاتبه أي لأنه أحرز نفسه وماله والحقوق المتعلقة بالذمة لا يراعى فيها الحرية ولا علو المنزلة ألا ترى أن المسلم يحبس دين الكافر ( قوله إذا لم يحل إلخ ) أي وأما لو كانت قيمة الكتابة توفى بالدين وإن كان الحال منها لا يفي به أو كان الحال منها يفي بالدين فلا يحبس له ويتقاصان .

( قوله أي لا يحبس الوالد لولده ) أي ولو ألد بدفع الحق والمراد الوالد نسبا لا رضاعا ، وأما الوالد رضاعا فيحبس لدين ولده قال مالك وإن لم يحبس الوالدين في دين الولد فلا أظلم الولد لهما أي فيجب على الإمام أن يفعل بهما ما يفعل بالملدين ألد من الضرب وغيره كالتقريع ; لأن ذلك ليس لحق الولد بل لحق الله تعالى ردعا وزجرا وصيانة لأموال الناس ولا يقال إن الضرب أشد من الحبس فمقتضى كون الوالدين لا يحبسان للولد عدم ضربهما ; لأنا نقول بل الحبس لدوامه أشد من الضرب وحينئذ فلا يلزم من ترك الأشد ترك ما هو دونه قاله شيخنا ( قوله فللوالد أن يحلف ولده لا العكس ) أي ; لأنه عقوق ولا يقضى للولد بتحليف والده إذا شح الولد وطلب تحليفه وإذا كان الولد ليس له تحليف والده فليس له حده بالأولى ; لأن الحد أشد من اليمين وما ذكر من أنه ليس للولد تحليف والده في حق يدعيه عليه ولا يمكن من ذلك ولا من حده هو قول مالك في المدونة وبه قال مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وسحنون وهو المذهب وروي عن ابن القاسم أنه يقضى للولد أن يحلف والده في حق يدعيه عليه وأن يحده ويكون بذلك عاقا ولا يعذر فيه بجهل ، وهو بعيد فإن العقوق من الكبائر ولا ينبغي أن يمكن أحد من ذلك وعلى هذا القول الضعيف مشى المصنف في باب الحدود حيث قال وله حد أبيه وفسق .

( قوله ولم يحلف ) أي الابن لرد دعوى أبيه ، وقوله فردت أي اليمين ( قوله كدعوى الأب إلخ ) أي وأما لو ادعى الولد على أبيه بحق وأقام شاهدا ولم يحلف الولد معه فردت اليمين على الأب فهل يحلف الأب لرد شهادة الشاهد وهو ما قاله عبق وهو غير صواب كما قال بن فقد صرح ابن رشد بأن مذهب المدونة أن الأب لا يحلف في شيء مما يدعيه الابن عليه ، وأما إن ادعى الوالد عليه فنكل الولد عن اليمين وردها عليه أو كان للأب شاهد على حقه على الولد فلا اختلاف في أنه لا يقضى له عليه في الوجهين إلا بعد يمينه انظر بن .




الخدمات العلمية