الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا ) وفي نسخة حدثنا ( جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدخر شيئا لغد ) أي : لا يجعل شيئا ذخيرة لأجل غد لكن لخاصة نفسه لتمام توكله على ربه ، وقد يدخر لعياله قوت سنتهم لضعف توكلهم بالنسبة إليه - صلى الله عليه وسلم - وليكون سنة للمعيلين من أمته وللمجردين من أهل ملته .

ففي الصحيحين أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدخر لأهله قوت سنتهم .

وفي مسند إسحاق ابن راهويه كان ينفق على أهله نفقة سنتهم من مال بني النضير .

وفي البخاري كان يبيع نخل بني النضير ويحبس لأهله قوت سنتهم فقيل الادخار كان قبل فتح خيبر كما هو مصرح به في الصحيح أيضا على ما نقله العسقلاني فقيل عدم الادخار كان غالب أحواله أو في أوائل أمره إذ قد ثبت في البخاري عن أنس يقول ما أمسى عند آل محمد صاع بر ، ولا صاع حب وإن عنده تسع نسوة والأولى أن يجمع بأنه كان يدخر لهم قوت سنتهم ، ثم من جوده وكرمه على الوافدين والمحتاجين كان يفرغ زادهم قبل تمام السنة ، ثم وجه مناسبة الحديث باب أن الكرم والجود والتوكل والاعتماد على واجب الوجود دون الخلق من كمال الخلق واستدل به الصوفية على أن الادخار زيادة على السنة خارج عن طريق التوكل أو السنة ، وفيه إشارة إلى رد ما قال الطبري حيث استدل بالحديث على جواز الادخار مطلقا ، وقد أبعد العسقلاني حيث قال التقييد بالسنة إنما جاء من ضرورات الواقع فلو قدر أن شيئا مما يدخر كان لا يحصل إلا في سنتين لاقتضى الحال جواز الادخار لأجل ذلك قلت قال الغزالي والتقييد بالسنة لأن العادة جارية بتجدد الأرزاق فيها بخلاف الأشهر في أثنائها .

التالي السابق


الخدمات العلمية