الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيع ) بفتح موحدة وكسر زاء فتحتية فعين مهملة ( حدثنا بشر بن المفضل ) بتشديد الضاد المعجمة المفتوحة ( حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو أهدي ) بصيغة المجهول أي : لو أرسل هدية ( إلي كراع ) بضم الكاف ، وهو ما دون الركبة من الساق على ما في النهاية وما دون الكعب من الدواب على ما في المغرب ( لقبلت ) أي : نظرا إلى تعظيم الله ونعمته وتواضعا في مخلوق الله بناء لمحبته وتخلقا بأخلاق الله حيث قال الله تعالى : وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما فمن الخلق الجميل قبول القليل وجزاء الجزيل ( ولو دعيت عليه ) أي : إليه كما في نسخة ( لأجبت ) أي : الداعي ، ولم أتكبر لا على داع ولو كان حقيرا ولا على مدعو إليه ولو كان صغيرا ، وفي الجامع الصغير أن الحديث بهذا اللفظ رواه أحمد والترمذي وابن حبان عن أنس قال ميرك : وروي في شرح السنة أيضا عن أنس .

قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يركب الحمار العري ، ويجيب دعوة المملوك ، وينام على الأرض ويجلس على الأرض ويأكل على الأرض ، ويقول : لو دعيت إلى كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع لقبلت
.

واعلم أنه روى البخاري في صحيحه من هذا الحديث جملة ( لو دعيت ) إلى آخره بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة قال العسقلاني : زعم بعض الشراح أن المراد بالكراع المكان المعروف بكراع الغميم ، وهو موضع بين مكة والمدينة ، وزعم أنه يطلق ذلك على سبيل المبالغة في الإجابة ولو بعد المكان لكن الإجابة مع حقارة الشيء أوضح في المراد ، ولهذا ذهب الجمهور إلى أن المراد بالكراع هنا كراع الشاة قال : وحديث أنس المذكور في الشمائل ويؤيده ، قال ميرك : قد اختلف الرواية عن أنس كما ترى ففي التأييد تأمل ، أقول تأمل فإن وجه التأييد بما في الشمائل ظاهر غاية الظهور فإنه لما قال : ( لو أهدي إلي كراع لقبلت ) فلا شك أن المراد به كراع الغنم لا كراع الغميم ثم قال : ولو دعيت عليه أو إليه فلا ريب أن الضمير راجع إلى ما ذكر من كراع الغنم كما تقدم فيكون نصا في المقصود ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية