وفي صحيح مسلم قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار ; فدميت إصبعه : قال القاضي عياض : لعله غازيا فتصحف كما قال في الرواية الأخرى في بعض المشاهد ، وكما جاء في رواية أبو الوليد الباجي يعني في كتاب الأدب . البخاري
قال بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يمشي إذ أصابه حجر ; فدميت إصبعه : وقد يراد بالغار الجيش والجمع ، لا الغار الذي هو الكهف ليوافق رواية بعض المشاهد . القاضي عياض
ومنه قول ما ظنك بامرئ جمع بين هذين الغارين أي : العسكرين . علي كرم الله وجهه
وقال العسقلاني : وقع في رواية شعبة عن الأسود : خرج إلى الصلاة ، أخرجه قلت أما القول بالتصحيف ; فلا يخلو عن نوع من التحريف ; فإنه لا يصح لفظا ، ولا معنى ومثل هذا الطعن لا يجوز في حديث الطيالسي مسلم أما اللفظ فظاهر وهو زيادة ياء ، وأما معنى فلأنه لا يقال كان في غار ، مع أن رواية : بينما يمشي ، لا تنافي كونه أولا في الغار ، وكذا في رواية : خرج إلى الصلاة ، وأما قول البخاري ، فالظاهر أنه أراد به المعنى المجازي ; فإن جيش كل أمير بمنزلة كهفه المتقوي به الملتجئ إليه ، فالتحقيق أنه كان في غار من علي رضي الله عنه جبل أحد أو كهف في بعض أماكنه يحترس فيه من الأعداء كما يدل عليه صعوده ، وظهوره بمعاونة طلحة يحمله على ظهره على أنه لا مانع من الحمل على تعدد [ ص: 44 ] الواقعة وهو لا شك أنه أحسن من الطعن في الرواية الصحيحة بل كالمتعين للدلالات الصريحة ، ولبعض الشراح هنا كلمات متناقضات أعرضنا عن ذكرها حيث يشغل البال فكرها ( فقال : هل أنت ) يجوز قراءته بالتحقيق ، والنقل وهو استفهام معناه النفي أي : ما أنت ( إلا إصبع دميت ) بفتح الدال ، وكسر الميم ، وإشباع التاء وهو صفة لإصبع ، والمستثنى منه أعم ، عام الصفة أي : ما أنت إلا إصبع موصوفة بشيء إلا بأن دميت ، وقيل بضمير الغائبة في دميت ، ولقيت وعليه ; فهو ليس بشعر أصلا لكن المشهور بل الصواب الرواية الأولى كأنها لما توجعت خاطبها مملئا على سبيل الاستعارة ، والتشبيه مسليا أي : تسلي فإنك ما ابتليت بشيء من الهلاك ، والقطع والجرح سوى أنك دميت ، ومع هذا لم يكن دمك هدرا بل كان ذلك في سبيل الله له قدرا ، وهذا هو المراد بقوله ( وفي سبيل الله ما لقيت ) والواو للعطف أو الحال ، وهو الأظهر ، وما موصولة مبتدأ وفي سبيل الله خبره أي : الذي لقيته حاصل في سبيل الله ; فلا تبالي بل افرحي ; فإن محنتها قليلة ، ومنحتها جزيلة ; فهي صبغة وسيمة وصنعة جسيمة .
وقضية كسر ليلى قدح المجنون شهيرة .
وأمثالها في سير المحب ، والمحبوب كثيرة .
قال الخطابي : اختلف الناس في هذا ، وما أشبهه ، وفي تأويل ذلك مع شهادة الله تعالى بأنه لم يعلمه الشعر ، وما ينبغي له ; فذهب بعضهم إلى أن الرجز ليس بشعر ، فذهب بعضهم إلى أن هذا ، وما أشبهه وإن استوى على وزن الشعر ; فإنه لم يقصد به الشعر إذا لم يكن صدوره عن نية له وروية فيه ، وإنما هو اتفاق كلام يقع أحيانا فيخرج منه الشيء بعد الشيء على بعض أعاريض الشعر ، وقد وجد في كتاب الله العزيز من هذا القبيل ، وهذا مما لا يشك فيه أنه ليس بشعر ، وقال بعضهم : معنى قول الله تعالى بالرجز الذي جرى على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره وأوقاته وما علمناه الشعر وما ينبغي له ، والبيت الواحد من الشعر لا يلزمه هذا الاسم ; فيخالف معنى الآية . الرد على المشركين في قولهم بل افتراه بل هو شاعر
هذا مع قوله ، وإنما الشاعر هو الذي يقصد الشعر ، ويشببه ويصفيه ، ويمدحه ويتصرف تصرف الشعراء في هذه الأفانين وقد برأ الله رسوله صلى الله عليه وسلم من ذلك ، وصان قدره عنه ، وأخبر أن الشعر لا ينبغي ، وإذا كان مراد الآية هذا المعنى لم يضر أن يجري على لسانه الشيء اليسير منه ، فلا يلزمه الاسم المنفي عنه . إن من الشعر لحكمة
[ ص: 45 ] ( حدثنا حدثنا ابن أبي عمر عن سفيان بن عيينة عن الأسود بن قيس ( نحوه ) أي : بمعناه دون لفظه . جندب بن عبد الله ) أي : ابن سفيان البجلي