الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن شهد أربعة ، فرجع أحدهم قبل الحد ، فلا شيء على الراجع ، ويحد الثلاثة . وإن كان رجوعه بعد الحكم ، فلا حد على الثلاثة ، ويغرم الراجع ربع ما أتلفوه ، وإن شهد أربعة بالزنا بامرأة ، فشهد ثقات من النساء أنها عذراء فلا حد عليها ، ولا على الشهود ، نص عليه ، وإن شهد أربعة على رجل أنه زنى بامرأة ، فشهد أربعة آخرون على الشهود أنهم هم الزناة بها ، لم يحد المشهود عليه ، وهل يحد الشهود الأولون حد الزنا ؛ على روايتين . وإن حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد ، لم تحد بذلك بمجرده .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن شهد أربعة ، فرجع أحدهم قبل الحد ، فلا شيء على الراجع ، ويحد الثلاثة ) اختاره أبو بكر وابن حامد ، وجزم به في الوجيز ، [ ص: 81 ] لأن الراجع كالتائب قبل تنفيذ الحكم بقوله ، ولأن في درء الحد عنه تمكينا له من الرجوع الذي تحصل به مصلحة المشهود عليه ، وإنما حد الثلاثة لأن برجوع الراجع نقص عدد الشهود فوجب أن يحدوا ، كما لو كانوا في الابتداء كذلك . والثانية : يحد الجميع ، قدمها في المحرر لنقص العدد ، كما لو كانوا ثلاثة ، قال في المحرر : ويتخرج ألا يحد سوى الراجع إذا رجع بعد الحكم وقبل الحد ، ولو رجع الكل ، فهل يحدون ؛ على الروايتين في الواحد ( وإن كان رجوعه بعد الحكم ، فلا حد على الثلاثة ) لأن الشهادة كملت ، واتصل بها الحكم ، فلم يجب عليهم شيء لعدم كونهم قذفة ( ويغرم الراجع ربع ما أتلفوه ) لأنه أقر على نفسه برجوعه أن التلف حصل بفعله وفعل غيره ، فيقبل على نفسه فقط ، وظاهره : أنه لا حد على الراجع أيضا ، ونقله أبو النصر ، لأنه تائب ، والمذهب أنه يحد ، وحده - إن ورث - حد القذف ، فإن كان رجما ضمن ربع المتلف بدية أو غيرها إن صرح بالخطأ ، وإن قال : عمدنا الكذب ليقتل ، قتل وحده ، وإن قال : عمدت ذلك وحدي ، فهل يلزمه قود ؛ على الروايتين في مشاركة العامد للمخطئ ( وإن شهد أربعة بالزنا بامرأة ، فشهد ثقات من النساء أنها عذراء فلا حد عليها ) لأن البكارة تثبت بشهادة النساء ، ووجودها يمنع من الزنا ظاهرا ، والشهود صدقهم محتمل ، فإنه يحتمل أنه وطئها ثم عادت عذرتها ، لكن ذكر في الشرح أنه يكتفى بشهادة واحدة ، لأن شهادتها مقبولة فيما لا يطلع عليه الرجال ، ونقل أبو النصر في مسألة المجبوب : أن الشهود قذفة ، وقد أحرزوا ظهورهم ، فذكر له قول الشعبي : العذراء ؛ قال : عنه اختلاف ، فإن رجمه [ ص: 82 ] القاضي فالخطأ منه ، قلت : فترى في هذا ، أو في من شهد عليه بالزنا ، فلم يسأل القاضي عن إحصانه حتى رجمه ، أن الدية في بيت المال ، لأن الحاكم ليس عليه غرم ؛ قال : نعم ، وأطلق ابن رزين في مجبوب ونحوه قولين بخلاف العذراء ، وفي الشرح : إن شهد بأنها رتقاء ، أو ثبت أن الرجل مجبوب ، فينبغي أن يجب الحد على الشهود ، لأنه متيقن كذبهم ( ولا على الشهود ، نص عليه ) لأن صدقهم محتمل ، وفي الرعاية : ولا على الرجل ( وإن شهد أربعة على رجل أنه زنى بامرأة ، فشهد أربعة آخرون على الشهود أنهم هم الزناة بها لم يحد المشهود عليه ) لأن شهادة الآخرين تضمنت جرح الأولين ، وشهادة الآخرين تتطرق إليها التهمة ( وهل يحد الشهود الأولون حد الزنا ؛ على روايتين ) كذا في المحرر والفروع إحداهما : لا يجب الحد عليهم ، لأن الأولين قد جرحهم الآخرون بشهادتهم عليهم ، والآخرون تتطرق إليهم التهمة ، والثانية : يحدون لها ، اختارها أبو الخطاب ، لأن شهادة الآخرين صحيحة فيجب الحكم بها ، وعلى كلتيهما في حدهم للقذف روايتان : أشهرهما بأنهم يحدون ( وإن حملت امرأة لا زوج لها ولا سيد ، لم تحد بذلك بمجرده ) نقله الجماعة ، وذكر ابن هبيرة أنها الأظهر ، لكنها تسأل ، فإن ادعت أنها أكرهت ، أو وطئت بشبهة ، أو لم تعترف بالزنا ، لم تحد ، وهو قول الأكثر من العلماء ، وعن أحمد : بلى إن لم تدع شبهة ، وفي الوسيلة والمجموع رواية : ولو ادعت شبهة ، وأقوال الصحابة مختلفة في ذلك حتى بالغ بعض العلماء ، وقال : إن المرأة تحمل من غير [ ص: 83 ] وطء ، بأن تدخل ماء الرجل في فرجها ، ولهذا تصور حمل البكر ووجد .

                                                                                                                          مسألة : إذا شهد عليه بزنا قديم ، أو أقر به ، وجب عليه الحد ، لعموم الآية ، وكسائر الحقوق ، وقال ابن حامد : لا أقبل بينة على زنا قديم ، وأحده بالإقرار به ، وذكره ابن أبي موسى مذهبا لأحمد ، وهو مروي عن عمر ، لأن تأخير الشهادة إلى هذا الوقت يدل على التهمة ، وتقبل الشهادة به من غير مدع ، نص عليه لقضيةأبي بكرة .




                                                                                                                          الخدمات العلمية