الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النظر الثاني : في الولد ، وهو حر إجماعا ، وفي الكتاب : على الأب قيمة الولد لسيده ، وقاله الأئمة يوم الحكم ، وقاله ( ش ) ، وقال ابن حنبل : يوم الوضع ، وقاله المغيرة منا في الجواهر ; لقضاء عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - بذلك ، وجوابه : أن سبب الضمان منع السيد من الولد ، وذلك إنما يتحقق يوم الحكم ، ولو كان لتفويت الرق لضمنه جنينا لتخلقه حرا ولم يقله أحد ، وقد قضى عمر ، وعثمان رضي الله عنهما بمثله ، قال مالك : وذلك يرجع إلى القيمة ; لأنها أعدل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                قال : فإن قتل فأخذ أبوه ديته حرا ، ثم استحقت الأم ، فعليه الأقل من قيمته يوم القتل عبدا أو بما أخذه ; لأن الأقل إن كان قيمة العبد فليس للسيد إلا عبد ، أو الدية فيقول : لو مات قبل الحكم لم أضمن شيئا ، وقد مات ولم يبق إلا الدية ، قال ابن يونس : قال أشهب : لا شيء عليه من قيمة الولد ، كما لو اقتص الأب من قاتله أو هرب قاتله أو مات العبد ، وترك مالا فإنه لأبيه ، قال أصبغ : إذا استهلك القيمة فوجده [ ص: 437 ] السيد معدما لا يرجع السيد على غارم الدية بشيء ; لأنه أدى ما لزمه ، وفي الجواهر : لو جني على الولد جناية دون النفس تزيد ديتها على قيمته فالفاضل للولد ; لأنه بدل أجزائه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا استحقت وفي بطنها جنين : فعلى الأب قيمته يوم الوضع ، وهو حر ; لأنه لا قيمة له قبل ذلك ، ولو ألقته بجناية قبل الاستحقاق أو بعده فللأب غرة ; لأنه حر ، وعليه للسيد الأقل منها أو من عشر قيمة أمه يوم الجناية لما تقدم في القتل ، وللولد حكم الأحرار في لحوق النسب ، والجنايات قبل الاستحقاق ، وبعده ، قال ابن يونس : قال أشهب : لا شيء للمستحق كما في القتل .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا استحقت بعد موت زوجها معدما أو في حياته معدما ، وولدها موسر فالقيمة على الولد ; لأنه في معنى الفداء ، وهو أولى به ، فإن كان معدما فعليه إذا أيسر ، وقيل : لا شيء على الولد ; لأنها جناية أبيه فلا تتعلق به ، قال صاحب التنبيهات : إذا رجع عليه عند عدم الأب يقوم بغير مال لئلا يخرج من ماله أكثر من ماله ، وقاله جماعة ، وقال آخرون يقوم بماله ; لأنه قاعدة التقويم .

                                                                                                                [ ص: 438 ] فرع

                                                                                                                في الكتاب : لو استحق الأمة عم الولد أخذ قيمته ; إذ لا عتق عليه ، أو جده فلا قيمة له لعتقه عليه ، ولا ولاء له لتخلقه على الحرية ، وإنما أخذت القيمة فيه بالسنة ، قال ابن يونس : قال محمد : ولاؤه لأبيه ، ولو زوجه أبوه أمته عالما فالولاء لجده لعتقه عليه ; إذ لو كان الزوج أجنبيا لكان الولد رقيقا للسيد بخلاف ولد الغارة فإنه حر في الولد والأجنبي ، وفي الكتاب : لو غرته أمة أبيه فلا قيمة له ، وكذلك أمة الابن ، قال ابن يونس : قال سحنون : في أمة الابن يغرم الأب قيمتها دون ولدها ، وتكون له أم ولد ، والتزويج فيها ملغى ، وأما أمة الأب الغارة للابن فهو كالأجنبي ، لها صداق مثلها ، ويأخذه الأب ، ولا قيمة عليه في الولد .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : إذا غرت أم الولد فلسيدها قيمة الولد على رجاء عتقه بعتق أمه ، فإن مات سيدها قبل القضاء فلا شيء للورثة لعتقهم بالموت ، وإن قتل قبل الحكم فللأب دية الأحرار ، وعليه الأقل مما أخذ أو قيمتهم على الرجاء والخوف كما تقدم ، قال ابن يونس : وقيل : يغرم الأقل من المأخوذ أو قيمة الولد عبدا ; لأن ولد أم الولد تأخذ قيمته عبدا ، قال : وهو غلط ; لأن الأب تلزمه القيمة على الرجاء والخوف تخفيفا عنهم ; لأنهم أحرار بخلاف القاتل ، قال صاحب التنبيهات : قال ابن حبيب : لا قيمة لمن لم يبلغ العمل من ولد أم الولد ; لأن تقويمهم يرجع إلى ما فات [ ص: 439 ] السيد من العمل ، قال اللخمي : قيمته يوم ولد ، وقال مالك : إن كان صغيرا لا خدمة فيه فلا شيء فيه ، وإلا غرم أجرته كل يوم كلما كبر زاد الأب أجرته ، وإن مات صغيرا فلا شيء عليه ، وإن استحق بعد أن صار رجلا فعليه الأجرة من يوم الاستحقاق ، قال مطرف : وإن مرض لم يكن عليه شيء حتى يصح ، وإذا لم تستحق الأم حتى مات السيد فلا شيء على الأب ، وتتفق الأقوال ; لأن المراعى يوم الحكم ، إلا قول المغيرة في القيمة يوم الولادة ، فلا تسقط بموت السيد ولا الولد ، وعلى قول مالك في أخذ الأجرة : تقوم خدمة ولد المعتق إلى أجل ، وقال عبد الملك : يقوم عبدا لا عتق فيه كما لو قتلته أمه .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : في ولد المدبرة القيمة على الرجاء والخوف ( في عدم عتقهم ثم أصل من عتق أم الولد ) ، وقيمة ولد المكاتبة موقوفة إن عجزت الأم أخذت ، وإن أدت دفعت للأب لظهور حريتها ، قال ابن يونس : قال محمد : في ولد المدبرة قيمته رقيقا ; لأن العتق فيه مقدم على التدبير ; لأن من اشترى مدبرا فأعتقه جاهلا به لم يرد البائع ثمنه إن علم المشتري بتدبيره ، وإن كانت غرة ، والقيمة المدفوعة في ولد المكاتبة قيمة عبد ، واستحب محمد تعجيل دفعها للسيد بحسبها في الكتابة إن كانت أقل أو مساوية ، وإن كانت أكثر لا يلزم الأب إلا الأقل من بقية الكتابة أو قيمة الولد ; لأن كل ما ولدته المكاتبة دخل في كتابتها فكاتبها أحق بقيمة ولدها كما لو قتل أو أعتقه السيد ، وهو ممن يسعى برضا الأم فيسقط عنها بما يخصه من الكتابة ، قال محمد : لو غصبت مكاتبته فبيعت فولدت عند [ ص: 440 ] المشتري أخذها السيد وقيمة ولدها رقيقا ، وقال ابن القاسم : توقف القيمة كما تقدم ، قال محمد : بل يعطى للأم في الكتابة ، ولا يلزم الأب إلا الأقل ، كما لو قتل السيد من ولدها بعد الكتابة تحسب قيمته من آخر الكتابة ، قال محمد : وعلى الأب قيمة ولد المبيعة إلى أجل على أنه يعتق عند الأجل ، قال اللخمي : إذا كان الغرم يسقط إذا أدت المكاتبة ويسقط إذا عجزت أن لا يعجل الغرامة بالشك إذا أمنت غيبته أو أتى بحميل وإلا دفعت للسيد إن كان مأمونا ، وإن خيف وقفت على يد غيرهما ، فإن أدت ردت للأب ، وإن خيف عجزها وكان في بعض القيمة وفاء أخذ ، والفاضل للأب ، وإلا دفعت للسيد .

                                                                                                                فرع

                                                                                                                في الكتاب : ولد العبد المغرور رقيق لسيدها ، وقاله ( ح ) إذ لا بد من رقه مع أحد الأبوين ، وقال أبو الطاهر : وقيل : هو حر ، وقاله ( ش ) ، وابن حنبل ; لأن الموجب لحرية ولد الأمة ظن حريتها ، وهو موجود في حق العبد ، قال أبو الطاهر : وحيث قلنا بالحرية لم تجد من تتبعه بالقيمة ، وفي الكتاب : لا قيمة له ; لأنه رقيق فلم يفت ، قال ابن يونس : قال محمد : ويرجع العبد على من غره بالمهر ثم لا يرجع من غره عليها ، وإن لم يغره غيرها رجع عليها بالفضل عن صداق المثل ; لأنه كان يتوهم حرية الولد بحريتها فبذل لذلك زيادة ، وهذا إذا ظهر أنه بنى على الحرية ، وإلا فلا رجوع بخلاف الحر لا يشترط حريتها ثم يظهر أنها أمة ; لأن ظاهر حاله [ ص: 441 ] يمنع زواج الأمة بخلاف العبد .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية