الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2218 24 - حدثنا سليمان بن حرب قال : حدثنا حماد ، عن أيوب ، عن نافع أن ابن عمر - رضي الله [ ص: 183 ] عنهما كان يكري مزارعه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأبي بكر وعمر وعثمان وصدرا من إمارة معاوية ، ثم حدث عن رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع ، فذهب ابن عمر إلى رافع ، فذهبت معه ، فسأله ، فقال : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كراء المزارع ، فقال ابن عمر : قد علمت أنا كنا نكري مزارعنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما على الأربعاء وبشيء من التبن .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من حيث إن رافع بن خديج لما روى النهي عن كراء المزارع يلزم منه عادة أن أصحاب الأرض إما يزرعون بأنفسهم أو يمنحون بها لمن يزرع من غير بدل ، فتحصل فيه المواساة ، وحماد هو ابن زيد ، وفي بعض النسخ هو مذكور باسم أبيه ، وأيوب هو السختياني . قوله : " كان يكري " بضم الياء من الإكراء . قوله : " أبي بكر وعمر وعثمان " ، أي : وفي عهد أبي بكر وعهد عمر وعهد عثمان ، والمراد أيام خلافتهم . ( فإن قلت ) : لم لم يذكر علي بن أبي طالب . ( قلت ) : لعله لم يزرع في أيامه ، وهذا أحسن من قول بعضهم ، وإنما لم يذكر ابن عمر عليا ; لأنه لم يبايعه لوقوع الاختلاف عليه ، وفي القلب من هذا حزازة . قوله : " وصدرا " .

                                                                                                                                                                                  قوله : " من إمارة معاوية " بكسر الهمزة ، قال بعضهم : أي خلافته . ( قلت ) : هذا التفسير ليس بشيء ، وإنما قال في إمارته ; لأنه كان لا يبايع لمن لم يجتمع عليه الناس ، ومعاوية لم يجتمع عليه الناس ، ولهذا لم يبايع لابن الزبير ولا لعبد الملك في حال اختلافهما .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ثم حدث " على صيغة المجهول " ، أي : ثم حدث ابن عمر ، أي : أخبر عن رافع ، وهكذا في رواية الأكثرين .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية الكشميهني : وحدث ، بفتح الحاء على صيغة المعلوم .

                                                                                                                                                                                  وفي رواية ابن ماجه ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه كان يكري أرضه ، فأتاه إنسان ، فأخبره عن رافع الحديث . قوله : " فذهبت معه " القائل بهذا نافع ، أي : ذهبت مع ابن عمر . قوله : " قد علمت " بفتح التاء خطاب لرافع على الأربعاء جمع ربيع ، وهو النهر الصغير . وروى الطحاوي بمثله في معناه ، فقال : حدثنا ربيع الجيزي قال : حدثنا حسان بن غالب ، قال : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن نافع أن رافع بن خديج أخبر عبد الله بن عمر ، وهو متكئ على يدي أن عمومته جاؤوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم رجعوا ، فقالوا : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء المزارع ، فقال ابن عمر : قد علمنا أنه كان صاحب مزرعة يكريها على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن له ما في ربيع السواقي الذي تفجر منه الماء وطائفة من التبن ، ولا أدري ما هو انتهى حاصل حديث ابن عمر هذا أنه ينكر على رافع إطلاقه في النهي عن كراء الأراضي ، ويقول : الذي نهاه عنه - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - هو الذي كانوا يدخلون فيه الشرط الفاسد ، وهو أنهم يشترطون ما على الأربعاء وطائفة من التبن ، وهو مجهول ، وقد يسلم هذا ويصيب غيره آفة أو بالعكس ، فتقع المنازعة ، فيبقى المزارع أو رب الأرض بلا شيء ، وأما النهي عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها إذا كان ثلثا أو ربعا أو ما أشبه ذلك ، فلم يثبت .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية