الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وكذلك غسلها من الحيض والنفاس ولما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغسل من الحيض قال : " خذي فرصة - والفرصة القطعة من مسك - فتطهري بها " فقالت عائشة تتبعي بها أثر الدم ( قال الشافعي ) فإن لم تجد فطيبا فإن لم تفعل فالماء كاف " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال : غسل المرأة من حيضها ونفاسها كغسلها من جنابتها فيما تؤمر به من فرض وسنة وتؤمر زيادة على غسل الجنابة باستعمال شيء من المسك في فرجها لرواية الشافعي عن سفيان عن منصور بن عبد الرحمن عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت : " جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله عن الغسل من الحيض فقال : " خذي فرصة من مسك فتطهري بها ، فقالت : كيف أتطهر بها ، فقال : تطهري بها ، فقالت : كيف أتطهر بها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " سبحان الله واستتر بثوبه تطهري بها ، قالت فاجتذبتها وعرفت الذي أراد فقلت لها تتبعي بها أثر الدم " يعني الفرج .

                                                                                                                                            والفرصة قال أبو عمرو : وهي من المسك المعجون بالمسك يكون عند نساء المدينة إذا كان فيها مسك سميت فرصة بالفاء مكسورة وإن لم يكن فيها مسك سميت سكتكة .

                                                                                                                                            وقال أبو عبيد : وإنما هي قرضة من مسك بالقاف مضمومة وفتح الضاد أي قطعة من جلد لتتقي آثار الدم ، والرواية المشهورة ما ذكرنا من المسك الذي هو الطيب فإن كان رواية أبي عبيد محفوظة لم يمتنع أن يجمع بين الأمرين فيكون الجلد لتتبع الدم وإنقاء آثاره ، وأما المسك فقد اختلف أصحابنا في المقصود باستعماله ، فقال بعضهم : المقصود به أن تزول رائحة الدم فيكون استمتاع الزوج بإثارة الشهوة وكمال اللذة ، وقال آخرون لأنه يسرع إلى علوق الولد فإن أعوزها المسك فمن قال المقصود به كمال الاستمتاع بطيب الرائحة ، قال : تستعمل عند إعوازه ما كان خلفا منه في طيب الرائحة ، ومن قال المقصود به إسراع العلوق قال تستعمل عند إعوازه ما قام مقامه في إسراع العلوق من القسط والأظفار ، ثم اختلفوا في وقت استعماله ، هل هو قبل الغسل أو بعده ؟ فمن قال : المقصود به كمال الاستمتاع ندب إلى استعماله بعد الغسل ومن قال المقصود به إسراع العلوق أمر باستعماله قبل الغسل ، فإن [ ص: 227 ] تركت استعمال المسك وما قام مقامه ، قال الشافعي فالماء كاف ، لأن رفع الحدث مقصود على الماء دون غيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية