الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ثم يقرأ ) المصلي بعد الفاتحة ( سورة كاملة ندبا ) للخبر السابق . ويستحب أن يفتتحها بالبسملة سرا ( من طوال ) بكسر الطاء ( المفصل في ) صلاة ( الفجر و ) من ( قصاره ) أي المفصل ( في ) صلاة ( المغرب ، وفي الباقي ) من الخمس ، وهي الظهر والعصر والعشاء ( من أوساطه ) أي المفصل لحديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال { ما رأيت رجلا أشبه صلاة بالنبي صلى الله عليه وسلم من فلان ، قال سليمان : فصليت خلفه ، وكان يقرأ في الغداة بطوال المفصل .

                                                                          وفي المغرب بقصاره ، وفي العشاء بوسط المفصل
                                                                          } رواه أحمد والنسائي . ولفظه له .

                                                                          ورواته ثقات ( ولا يكره ) أن يقرأ مصل ( لعذر ، كمرض وسفر ونحوهما ) كخوف وغلبة نعاس ولزوم غريم ( بأقصر من ذلك ) في فجر وغيرها للعذر ( وإلا ) بأن لم يكن عذر ( كره بقصاره في ) صلاة ( فجر ) نص عليه ، لمخالفة السنة . و ( لا ) تكره القراءة ( بطواله في مغرب ) نص عليه . للخبر " أنه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بالأعراف " والسورة وإن قصرت أفضل من بعض سورة .

                                                                          قال القاضي وغيره : وتجزئ آية إلا أن أحمد استحب كونها طويلة ، كآية الدين والكرسي ( وأوله ) أي المفصل : سورة ( ق ) ولا يعتد بالسورة قبل الفاتحة ) وآخره : آخر القرآن ، وطواله على ما قال بعضهم : إلى عم ، وأوساطه إلى الضحى . والباقي : قصاره ( وحرم تنكيس الكلمات ) القرآنية لإخلاله بنظمها ( وتبطل ) الصلاة ( به ) ; لأنه يصير كالكلام الأجنبي ، يبطلها عمده وسهوه

                                                                          و ( لا ) يحرم تنكيس ( السور ، و ) لا تنكيس ( الآيات ) ولا تبطل به ; لأنه لا يخل بنظم القرآن ، لكن الفاتحة يعتبر ترتيبها ، وتقدم ( ويكره ) تنكيس السور والآيات في ركعة أو ركعتين ، واحتج أحمد بأنه صلى الله عليه وسلم تعلم على ذلك ، وعند الشيخ تقي الدين : ترتيب الآيات واجب ; لأنه بالنص

                                                                          وترتيب السور بالاجتهاد ، ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة لكن لما اتفقوا على [ ص: 192 ] المصحف زمن عثمان رضي الله عنه صار مما سنه الخلفاء الراشدون . وقد دل الحديث على أن لهم سننا يجب اتباعها ( ك ) ما تكره القراءة ( بكل القرآن في ) صلاة ( فرض ) للإطالة وعدم نقله ، وعلم منه : أنه لا تكره بكله في نفل ( أو ) أي وتكره القراءة ( بالفاتحة فقط ) قال في الفروع : وعلى المذهب : تكره الفاتحة فقط ا هـ . وظاهره : في الفرض والنفل .

                                                                          و ( لا ) يكره ( تكرار سورة ) في ركعتين لحديث زيد بن ثابت { أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالأعراف في الركعتين كلتيهما } رواه سعيد ( أو ) أي ولا يكره ( تفريقها ) أي السورة ( في ركعتين ) لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا { كان يقرأ البقرة في الركعتين } رواه ابن ماجه . .

                                                                          ( و ) لا يكره أيضا ( جمع سورة في ركعة ، ولو في فرض ) لما في الصحيح { أن رجلا من الأنصار كان يؤمهم ، فكان يقرأ قبل كل ركعة سورة قل هو الله أحد ، ثم يقرأ سورة أخرى معها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما يحملك على لزوم هذه السورة ؟ فقال : إني أحبها ، فقال حبك إياها أدخلك الجنة } وفي الموطأ عن ابن عمر ( أنه كان يقرأ في المكتوبة سورتين في كل ركعة .

                                                                          ( و ) لا يكره أيضا ( قراءة أواخر السور وأوساطها ) لعموم { فاقرءوا ما تيسر منه } ولحديث ابن عباس { كان يقرأ في الأولى من ركعتي الفجر قوله تعالى : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ، وفي الثانية : الآية في آل عمران : قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة . الآية } رواه أحمد ( أو ) أي ولا يكره لمصل ( ملازمة ) قراءة ( سورة ) بعد الفاتحة في كل صلاته ( مع اعتقاد جواز غيرها ) ومع اعتقاد صحة الصلاة بغيرها للخبر ، وإلا حرم اعتقاده لفساده .

                                                                          ( ويجهر إمام بقراءة ) الفاتحة والسورة ( في الصبح ) و ( في ) أولتي ( مغرب وعشاء ) وجمعة وعيد واستسقاء وكسوف وتراويح ووتر بعدها . ويسر فيما عدا ذلك لثبوت ذلك بنقل الخلف عن السلف عنه صلى الله عليه وسلم وإجماع العلماء عليه في غير كسوف ( وكره ) جهر بقراءة ( المأموم ) ; لأنه مأمور باستماع قراءة إمامه ، والإنصات لها ، وإسماعه القراءة لغيره غير مقصود .

                                                                          ( و ) كره لمصل جهره بقراءة ( نهارا في نفل ) غير كسوف واستسقاء .

                                                                          قال ابن نصر الله في حواشي الفروع : والأظهر : أن المراد هنا بالنهار : من طلوع الشمس ، لا من طلوع الفجر . وبالليل : من غروب الشمس إلى طلوعها ( ويخير منفرد ) في جهر [ ص: 193 ] بقراءة وإخفات في جهرية ويخير أيضا ( قائم لقضاء ما فاته ) من صبح وأولتي مغرب وعشاء ، وترك الجهر أفضل لأن المقصود منه إسماع نفسه ،

                                                                          وجاز له الجهر ، لشبهه بالإمام في عدم الأمر بالإنصات ( ويسر ) مصل بقراءة ( في قضاء صلاة جهر ) كصبح ( نهارا ) اعتبارا بزمن القضاء ( ويجهر بها ) أي القراءة في صلاة جهر قضاها ( ليلا في جماعة ) اعتبارا بزمن القضاء . وشبهها بالأداء لكونها في جماعة .

                                                                          ( و ) مصل ليلا ( في نفل يراعي المصلحة ) في جهر وإخفات ، فيسر مع من يتأذى بجهره ، ويجهر مع من يأنس به ، ونحوه .

                                                                          وتحرم القراءة ( ولا تصح ) صلاة ( بقراءة تخرج عن مصحف عثمان ) بن عفان رضي الله تعالى عنه ، كقراءة ابن مسعود " فصيام ثلاثة أيام متتابعات " لعدم تواترها ، وعلم منه صحة الصلاة بقراءة لا تخرج عنه ، وإن لم تكن من العشرة ، حيث صح سنده .

                                                                          وكره أحمد قراءة حمزة والكسائي ، وعنه والإدغام الكبير لأبي عمرو ، واختار قراءة نافع من رواية إسماعيل بن جعفر عنه ، ثم قراءة عاصم ، وقال له الميموني : أي القراءة تختار لي فأقرأ بها ؟ قال : قراءة ابن العلاء لغة قريش والفصحاء من الصحابة رضي الله عنهم ، وإن كان في قراءة زيادة حرف مثل " فأزلهما " و " أزالهما " و " وصى " و " أوصى " فهي أفضل لأجل العشر حسنات ،

                                                                          نقله حرب . و " مالك " أحب إلى أحمد من " ملك " ( ثم ) بعد الفاتحة والسورة ( يركع مكبرا ) أي قائلا في هويه لركوعه : الله أكبر ( رافعا يديه مع ابتدائه ) أي التكبير لحديث أبي قلابة " أنه رأى { مالك بن الحويرث إذا صلى ، كبر ورفع يديه ، ويحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع هكذا } متفق عليه .

                                                                          وفي حديث أبي حميد الساعدي { فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه } رواه الخمسة ، وصححه الترمذي وفي الباب غيره . وهو مذهب أبي بكر وعلي وابن عمر وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وابن عباس وأبي سعيد الخدري وابن الزبير ، وغيرهم من الصحابة ، وأكثر أهل العلم رضي الله عنهم

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية