الباب الثاني في العدد والذكورة
قول على الأظهر ، وأما القضاء بشاهد ويمين وإن قلنا على وجه : إن القضاء بالشاهد ، فليس فيه اكتفاء بشاهد ، بل يشترط معه اليمين . ثم الشهادات ثلاثة أضرب ، الأول : الشاهد الواحد لا يكفي الحكم به إلا في هلال رمضان ، فلا تثبت إلا بأربعة رجال ، وتثبت الشهادة على الإقرار بالزنى برجلين على الأظهر ، وفي قول : يشترط أربعة ، ولا يثبت اللواط وإتيان البهيمة إلا بأربعة على المذهب ، ويثبت القذف بشاهدين على المشهور ، ونقل الشهادة على الزنى أبو عاصم قولا قريبا في اشتراط أربعة .
فرع
سبق في السرقة أنه يشترط في الشهادة على الزنى أن يذكروا التي زنى بها ، وأن يذكروا الزنى مفسرا ، فيقولون : رأينا أدخل ذكره ، أو قدر الحشفة منه في فرج فلانة على سبيل الزنى . ولا يكفي إطلاقه الزنى ، فقد يظنون المفاخذة زنى ، وقد تكون الموطوءة جارية ابنه ، أو مشتركة بينه وبين غيره بخلاف ما لو ادعت وطء شبهة ، وطلبت المهر ، فإنه يكفي الشهادة على الوطء ، ولا يشترط قولهم : رأينا ذلك منه في ذلك منها ؛ لأن المقصود هناك المال ، فلم يلزم هذا الاحتياط ، وقد [ ص: 253 ] وقع في كلام وغيره أن الشاهد يقول : رأينا ذكره في فرجها كالمرود في المكحلة ، وهذا التشبيه زيادة بيان ، وليس بشرط ، صرح به الغزالي القاضي أبو سعد .
فرع
هل يجوز ، أو عيب باطن أم لا ، وإنما يشهد عليه عند وقوع النظر ( إليه ) اتفاقا ؟ فيه أوجه سبقت في أول النكاح ، الأصح المنصوص الجواز ، والثاني : المنع ، والثالث : المنع في الزنى دون غيره ، والرابع عكسه . النظر إلى الفرج لتحمل شهادة الزنى أو ولادة
الضرب الثاني : ما ليس بمال ، ولا يقصد منه مال ، فإن كان عقوبة ، لم تثبت إلا برجلين سواء فيه حق الله - تعالى - كحد الشرب ، وقطع الطريق ، وقتل الردة ، وحق العباد كالقصاص في النفس ، أو الطرف ، وحد القذف . والتعزير كالحد ، ولا مدخل لشهادة النساء فيها . وإن كان غير عقوبة ، فهو نوعان أحدهما : يطلع عليه الرجال غالبا ، فلا يقبل فيه إلا رجلان ، وذلك كالنكاح والرجعة ، والطلاق والعتاق ، والإسلام والردة ، والبلوغ والإيلاء ، والظهار والإعسار ، والموت ، والخلع من جانب المرأة ، والولاء وانقضاء العدة ، وجرح الشهود وتعديلهم ، والعفو عن القصاص والإحصان ، والكفالة والشهادة برؤية هلال غير رمضان ، والشهادة على الشهادة ، والقضاء والولاية إن اشترطنا فيهما الشهادة ، والتدبير والاستيلاد ، وكذا الكتابة على الصحيح ، وقيل : تثبت الكتابة برجل وامرأتين ، ومنه الوكالة والوصاية وإن كانتا من المال ، لأنهما ولاية وسلطنة . ومنه القراض ، وكذا الشركة على الأصح ، وقيل : تثبت برجل وامرأتين .
النوع الثاني : ما لا يطلع عليه الرجال ، وتختص النساء بمعرفته غالبا ، فيقبل فيه شهادتهن منفردات ، وذلك كالولادة ، والبكارة ، والثيابة ، والرتق ، والقرن ، والحيض ، والرضاع ، [ ص: 254 ] وعيب المرأة من برص وغيره تحت الإزار ، حرة كانت أو أمة ، وكذا استهلال الولد على المشهور ، فكل هذا النوع لا يقبل فيه إلا أربع نسوة أو رجلين ، أو رجلا وامرأتين ، قال البغوي : والعيب في وجه الحرة وكفيها لا يثبت إلا برجلين ، وفي وجه الأمة وما يبدو منها في المهنة يثبت برجل وامرأتين ؛ لأن المقصود منه المال . قال : والجراحة على فرج المرأة لا يلحق بالعيب ؛ لأن جنس الجراحة مما يطلع عليه الرجل غالبا ، هكذا قاله ، لكن جنس العيب مما يطلع عليه الرجال غالبا ، لكن لا يطلعون على العيب الخاص ، وكذا هذه الجراحة .
قلت : الصواب إلحاق الجراحة على فرجها بالعيوب تحت الثياب ، وعجب من البغوي كونه ذكر خلاف هذا ، وتعلق بمجرد الاسم . والله أعلم .