فصل
ضربان ، أحدهما : مما ليس بإنشاء ، وإنما هو تنفيذ لما قامت به حجة ، فينفذ ظاهرا لا باطنا ، فلو حكم بشهادة زور بظاهري العدالة ، لم يحصل بحكمه الحل باطنا ، سواء كان المحكوم به [ ص: 153 ] مالا أو نكاحا أو غيرهما ، فإن كان نكاحا ، لم يحل للمحكوم له الاستمتاع ، ويلزمها الهرب والامتناع ما أمكنها ، فإن أكرهت فلا إثم عليها ، فإن وطئ ، قال حكم القاضي : هو زان ويحد ، وخالفه الشيخ أبو حامد ابن الصباغ ؛ لأن والروياني - رحمه الله - يجعلها منكوحة بالحكم ، وذلك شبهة للخلاف في الإباحة ، وإن كان المحكوم به الطلاق ، حل للمحكوم عليه وطؤها إن تمكن ، لكن يكره ؛ لأنه يعرض نفسه للتهمة والحد ويبقى التوارث بينهما ، ولا تبقى النفقة للحيلولة ، ولو تزوجت الآخر ، فالحل مستمر للأول ، فإن وطئها الثاني جاهلا بالحال ، فهو وطء شبهة ، ويحرم على الأول في العدة ، وإن كان الثاني عالما ، أو نكحها أحد الشاهدين ووطئ ، فوجهان أحدهما يحد ، ولا يحرم على الأول في العدة ، والأشبه أنه وطء شبهة لما سبق . أبا حنيفة
الضرب الثاني : الإنشاءات كالتفريق بين المتلاعنين ، وفسخ النكاح بالعيب ، والتسليط على الأخذ بالشفعة ونحو ذلك ، فإن ترتبت على أصل كاذب ، بأن فسخ بعيب قامت بشهادة زور ، فهو كالضرب الأول ، وإن ترتبت على أصل صادق ، فإن لم تكن في محل اختلاف المجتهدين ، نفذ ظاهرا وباطنا ، وإن كان مختلفا فيه ، نفذ ظاهرا ، وفي الباطن أوجه ، أصحها عند جماعة ، منهم البغوي ، والشيخ أبو عاصم : النفوذ مطلقا لتتفق الكلمة ، ويتم الانتفاع ، والثاني : المنع ، وبه قال الأستاذ أبو إسحاق ، واختاره . والثالث : إن اعتقده الخصم أيضا ، نفذ باطنا ، وإلا فلا ، هذه الأوجه تشبه الأوجه في اقتداء الغزالي بالحنفي وعكسه ، فإن منعنا النفوذ باطنا مطلقا ، أو في حق من لا يعتقده [ ص: 154 ] لم يحل الشافعي الأخذ بحكم الحنفي بشفعة الجوار ، أو بالتوريث بالرحم إذا لم نقل به نحن ، وعلى هذا هل يمنعه القاضي لاعتقاد المحكوم له أم لا ، لاعتقاد نفسه ؟ وجهان أصحهما الثاني . ومن قال بالمنع ، فقد يقول لا ينفذ القضاء في حقه لا ظاهرا ولا باطنا . للشافعي
فرع
هل تقبل شهادته بما لا يعتقده كشافعي بشفعة الجوار ؟ وجهان في " التهذيب " .
قلت : الأصح القبول ، والله أعلم .
فرع
، ونرضى بحكمك ، فهل يجيبهما أم يتعين إمضاء الحكم الأول ، ولا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد ؟ وجهان ، حكاهما قال للقاضي رجلان : كانت بيننا خصومة في كذا ، فحكم القاضي فلان بيننا بكذا ، ونحن نريد أن تستأنف الحكم بيننا باجتهادك ، الصحيح الثاني . ابن كج