[ ص: 129 ] فرعان
ذكرهما الهروي ، أحدهما : قال القاضي المعزول : المال الذي في يد هذا الأمين دفعته إليه أيام قضائي ليحفظه لزيد ، وقال الأمين : إنه لعمرو ، وما قبضته منك ، فالقول قول الأمين ، وإن وافقه على القبض منه ، فالقول قول القاضي . والثاني : يجوز أن يكون الشاهدان بحكم القاضي هما اللذان شهدا عنده ، وحكم بشهادتهما ، لأنهما يشهدان على فعل القاضي . قال الأستاذ أبو طاهر : وعلى هذا تفقهت ، وأدركت القضاة .
الخامسة : ؛ لأن الظاهر منها السداد ، وله التتبع على أحد الوجهين ، واختاره ليس على القاضي تتبع أحكام القاضي قبله احتياطا . وإذا جاءه متظلم على القاضي المعزول ، وطلب إحضاره ، لم يسارع إلى إجابته ، فقد يقصد ابتذاله ، بل يسأله عما يريد منه ، فإن ذكر أنه يدعي عليه عينا ، أو دين معاملة ، أو إتلافا أو غصبا ، أحضره ، وفصل خصومتهما ، كغيرهما . ولو قال : أخذ مني كذا على سبيل الرشوة المحرمة ، أو أخذ مني مالا بشهادة عبدين أو غيرهما ممن لا تقبل شهادته ، ودفعه إلى فلان ، فكذلك الجواب ؛ لأن هذا الأخذ كالغصب ، وأما فلان الذي ادعى الدفع إليه ، فإن قال : أخذته بحكم المعزول لي ، لم يقبل قوله ، ولا قول المعزول له ، بل يحتاج إلى بينة تشهد على حكم المعزول له أيام قضائه ، وإن لم يكن بينة ، انتزع منه المال ، وإن اقتصر على أنه لي ، ولم يتعرض الآخذ من المدعي لحكم المعزول ، فالقول قوله بيمينه ، ولو لم يتعرض المتظلم للآخذ ، بل قال : حكم علي بشهادة عبدين ونحوهما ، فقد حكى الشيخ أبو حامد وجها أن دعواه لا تسمع ، ولا يصغى إليه وهذا الوجه خطأ لا نعرفه لأحد من الأصحاب ، بل اتفق الأصحاب على أن دعواه مسموعة ، وبينته محكوم بها ، ولكن هل يحضر المعزول بمجرد دعواه وجهان : أصحهما : [ ص: 130 ] نعم كغيره ، والثاني : لا يحضره إلا ببينة تقوم بما يدعيه ، أو على إقرار المعزول بما يدعيه ؛ لأن الظاهر جريان أحكامه على الصواب ، فيكفي هذا الظاهر حتى تقوم بينة بخلافه ، وعلى هذا فليس المراد أن البينة تقام في غيبته ، ويحكم بها لكن الغرض أن يكون إحضاره ثبت فيقيم المدعي شهودا يعرف القاضي بهم أن لدعواه أصلا وحقيقة ، ثم إذا حضر المعزول ادعى المدعي ، وشهد الشهود في وجهه ، فإن أحضر بعد البينة أو من غير بينة ، فأقر ، طولب بمقتضاه ، وإن أنكر صدق بيمينه على الأصح عند العراقيين الغزالي كالمودع وسائر الأمناء ، وقيل : يصدق بلا يمين ، وبه قال والروياني ، ابن القاص والإصطخري ، وصاحب " التقريب " والماوردي ، وصححه الشيخ أبو عاصم ، والبغوي . ولا فرق في ذلك بين أن يدعي عليه الحكم في مال أو دم حتى إذا ادعى عليه أنه قتل ظلما بالحكم جرى الخلاف في أن إحضاره هل يتوقف على بينة ، وأنه إذا أنكر هل يحلف ؟ ولو ادعى على نائب المعزول في القضاء ، فهو كالدعوى على المعزول ، وأما أمناؤه الذين يجوز لهم أخذ الأجرة فلو حوسب بعضهم فبقي عليه شيء ، فقال : أخذت هذا المال أجرة عملي ، فصدقه المعزول ، لم ينفعه تصديقه ، بل يسترد منه ما يزيد على أجرة المثل ، وهل يصدق بيمينه في أجرة المثل ؟ وجهان ، أحدهما : لا ، بل عليه البينة بجريان ذكر الأجرة .
والثاني : نعم ؛ لأن الظاهر أنه لا يعمل مجانا . قال الإمام : والخلاف مبني على أن من عمل لغيره ولم يسم أجرة ، هل يستحقها ؟
فرع
لو ، نظر إن ادعى ما لا يتعلق بالحكم ، حكم بينهما خليفته أو قاض آخر ، وإن ادعى ظلما في الحكم ، وأراد تغريمه ، لم يمكن ، ولا يحلف القاضي ولا تغني [ ص: 131 ] إلا البينة ، وكذا لو ادعى على الشاهد أنه شهد بالزور ، وأراد تغريمه ، لأنهما أمينان شرعا . ادعى رجل على القاضي الباقي على قضائه
ولو فتح باب تحليفهما لتعطل القضاء ، وأداء الشهادة ، وكذا الحكم لو قال للقاضي : قد عزلت ، فأنكر وعنالشيخ أبي حامد أن قياس المذهب التحليف في جميع هذا كسائر الأمناء إذا ادعيت خيانتهم .