وفيه مسائل : الشرط الرابع : أن يكون الملك تاما قويا
إحداها : إذا ، فهل يقطع ؟ قولان ، أظهرهما : لا ; لأن له في كل قدر جزءا وإن قل ، فيصير شبهة ، كوطء المشتركة ، فعلى هذا لو سرق ألف دينار له منه قدر دينار شائعا ، لم يقطع ، والثاني : نعم ، إذ لا حق له في نصيب الشريك ، فعلى هذا ثلاثة أوجه ، قال الأكثرون : إن كان المال بينهما بالسوية ، فسرق نصف دينار فصاعدا ، فقد سرق من الشريك نصابا ، وإن كان ثلثاه للسارق ، فإذا سرق ثلاثة أرباع فقد سرق منه نصابا ، والثاني : إنما يجعل سارقا لنصاب من الشريك إذا زاد المأخوذ على قدر حقه بنصاب ، فلو كان بينهما مناصفة ، فسرق نصف المال وزيادة ربع دينار ، أو كان ثلثاه للسارق ، فسرق ثلثيه وزيادة لا تبلغ ربع دينار ، فلا قطع ، والثالث : إن كان المشترك مما يجبر على قسمته ، كالحبوب وسائر المثليات ، فلا قطع حتى يزيد المأخوذ على قدر حصته بنصاب ، وإن كان مما لا يجبر فيه ، كالثياب ، فإذا سرق نصف دينار إن اشتركا بالسوية أو ثلاثة أرباع دينار إن كان الثلثان للسارق ، قطع . سرق أحد الشريكين من حرز الآخر مالهما المشترك
الثانية : إذا ، نظر إن سرق مما أفرز لطائفة مخصوصين وليس السارق منهم ، قطع ، قال الإمام : وكذا الفيء المعد للمرتزقة تفريعا على أنه ملكهم ، وإن سرق من غيره ، فأوجه ، [ ص: 118 ] أحدها وهو مقتضى إطلاق العراقيين : لا قطع ، سواء كان غنيا أو فقيرا ، وسواء سرق من مال بيت المال ، والثاني : يقطع ، وأصحها : التفصيل ، فإن كان السارق صاحب حق في المسروق ، بأن سرق من الصدقات ، أو مال المصالح ، فلا قطع ، وإن لم يكن صاحب حق فيه ، كالغني ، فإن سرق من الصدقات ، قطع ، وإن سرق من المصالح ، فلا قطع على الأصح ; لأنه قد يصرف ذلك إلى عمارة المساجد والرباطات والقناطير فينتفع بها الغني والفقير ، أما إذا سرق فقير من الصدقات ، أو مال المصالح ، فالصحيح أنه يقطع ; لأنه مخصوص بالمسلمين ، ولا ينظر إلى إنفاق الإمام عليهم عند الحاجة ; لأنه إنما ينفق للضرورة ، وبشرط الضمان ، ولا ينظر إلى انتفاعه بالقناطر والرباطات ; لأنه إنما ينتفع تبعا ، وفي وجه : لا قطع ، واختاره سرق ذمي مال المصالح البغوي وقال : ينبغي أن لا يكون إنفاق الإمام عليه بشرط الضمان ، قال : وهذا في مال المصالح ، أما لو سرق من مال من مات ولم يخلف وارثا فعليه القطع ; لأنه إرث للمسلمين خاصة ، ولو ، قطع إذا لم يبق لغير الميت فيه حق ، كما لو كساه حيا . كفن مسلم من بيت المال ، فسرق نباش كفنه
الثالثة : إذا ، فالمذهب وجوب القطع وبه قطع الجمهور ونقل سرق ستر الكعبة وهو محرز بالخياطة عليه فيه قولين ، والمعروف الأول ، وألحقوا باب المسجد وجذعه وتأزيره وسواريه ، فأوجبوا القطع بسرقتها ، قالوا : ولا قطع بسرقة ما يفرش في المسجد من حصير وغيره ، ولا في القناديل المسرجة ; لأنها معدة لانتفاع الناس ، والقناديل التي لا تسرج ، ولا يقصد منها إلا الزينة كالأبواب ، هذه طريقة الجمهور ، ورأى الإمام تخريج وجه في الأبواب والسقوف ; لأنها من أجزاء المسجد ، والمسجد مشترك وذكر في الحصر والقناديل [ ص: 119 ] ونحوها ثلاثة أوجه ، ثالثها : الفرق بين ما يقصد به الاستضاءة أو الزينة ، وكل هذا في المسلم ، أما الذمي إذا سرق الباب أو الحصير أو غيرهما ، فيقطع بلا خلاف ، وذكر ابن كج الفوراني في سرقة بكرة اليد المسبلة أنه يقطع ، وكذا حكاه البغوي قال : والوجه عندي أنها كحصير المسجد ; لأنها لمنفعة الناس .
الرابعة : لو ، وجب القطع على الأصح بخلاف المكاتب ; لأنه في يد نفسه ، وكذا من بعضه حر ، ولو سرق مالا موقوفا ، أو مستولدة وهي نائمة ، أو مجنونة ، قطع بلا خلاف ، فلو كان للسارق استحقاق ، أو شبهة استحقاق ، بأن وقف على جماعة ، فسرقه أحدهم ، أو سرق أبو بعض الموقوف عليهم ، أو ابنه ، أو وقف على الفقراء فسرق فقير ، فلا قطع بلا خلاف . سرق من غلة الأرض الموقوفة أو ثمرة شجرة موقوفة
فرع
الصحيح وجوب الحد على من زنى بجارية بيت المال ، وإن لم يجب القطع بسرقة مال .