فصل
لتكن ، فيشترط أن يضيف الهلاك إلى فعل المشهود عليه ، فلو قال : ضربه بالسيف ، لم يثبت به شيء ، ولو قال : ضربه فأنهر الدم ، أو قال : جرحه أو ضربه بالسيف فأنهر الدم ، أو فمات ، لم يثبت به شيء أيضا لاحتمال الموت بسبب آخر ، ولو قال : جرحه ، فقتله ، أو فمات من جراحته ، أو أنهر دمه فمات بسبب ذلك ، ثبت القتل ، وفي معناه قوله : جرحه أو ضربه بالسيف فأنهر دمه ومات مكانه ، نص عليه في " المختصر " وجعل قوله : ومات مكانه ، كقوله : ومات من جراحته ، وفي لفظ الإمام ما يشعر بنزاع فيه ، ثم الشاهد [ ص: 33 ] يعرف حصول القتل بقرائن يشاهدها ، فإن لم ير إلا الجرح وإنهار الدم ، وحصول الموت ، فللإمام تردد في جواز تحمل الشهادة به ، قال : والوجه : المنع ، ولو قال : ضرب رأسه فأدماه ، أو أسال دمه ، ثبتت الدامية ولو قال : فسال دمه ، لم تثبت ، لاحتمال حصول السيلان بغيره ، ولو قال : ضربه بسيف ، فأوضح رأسه ، أو فاتضح من ضربه أو بجرحه ، ثبتت الموضحة ، ولو قال : ضربه ، فوجدنا رأسه موضحا ، أو فاتضح ، لم تثبت ، وحكى الإمام الشهادة على الجناية مفسرة مصرحة بالغرض أنه يشترط التعرض لوضوح العظم ، ولا يكفي إطلاق الموضحة ، فإنها من الإيضاح ، وليست مخصوصة بإيضاح العظم ، وتنزيل لفظ الشاهد على ألقاب اصطلح الفقهاء عليها لا وجه له ، فلو كان الشاهد فقيها ، وعلم القاضي أنه لا يطلق الموضحة إلا على ما يوضح العظم ، ففيه تردد للإمام ، قال : يجوز أن يكتفى به ، لفهم المقصود ، ويجوز أن يعتبر الكشف لفظا ; لأن للشرع تعبدا في لفظ الشهادات وإن أفهم غيرها المقصود ، ولا بد من تعيين محل الموضحة وبيان مساحتها ليجب القصاص ، فلو كان على رأسه مواضح ، وعجزوا عن تعيين موضحة المشهود عليه ، فلا قصاص ، ولو لم يكن على رأسه إلا موضحة ، وشهدوا أنه أوضح رأسه ، فلا قصاص أيضا ، لجواز أنها كانت موضحة صغيرة فوسعها ، وإنما يجب القصاص إذا قالوا : أوضح هذه الموضحة ، وهل يجب الأرش إذا أطلقوا أنه أوضح موضحة ، وعجزوا عن تعيينها ؟ وجهان ، أصحهما : نعم ; لأن الأرش لا يختلف باختلاف محلها وقدرها ، وإنما تعذر القصاص لتعذر المماثلة ، ويدل عليه نصه في " الأم " أنهما لو شهدا أنه قطع يد فلان ، ولم يعينها ، والمشهود له مقطوع اليدين ، لا يجب القصاص ، وتجب الدية ، ولو كان مقطوع يد واحدة والصورة هذه ، فهل تنزل شهادتهم هذه على ما نشاهدها مقطوعة أم يشترط تنصيصهم ؟ يجوز أن يقدر فيه خلاف . والغزالي
[ ص: 34 ] قلت : الصواب الجزم هنا بالتنزيل على المقطوعة . والله أعلم .
ولو شهدا بموضحة شهادة صحيحة ، ورأينا رأس المشجوج سليما لا أثر عليه ، والعهد قريب بالشهادة ، فالشهادة مردودة .