وأما نحن فنعتبر فيه خمسة أوصاف : [ ص: 213 ] الوصف الأول : الدين ففي الجواهر : متفق عليه ، فإن بجوارحه فلا خلاف منصوص أن العقد لا يصح ، كان الولي أبا أو غيره ، وللزوجة ومن قام لها فسخه ، قال : وكان بعض الأشياخ يهرب من الفتيا في هذه المسألة لما يؤدي إليه من نقض أكثر الأنكحة ، وأما الفاسق باعتقاده ، فقال زوجها لفاسق مالك : لا يزوج القدرية ، ولا يزوج إليهم .
الوصف الثاني : الحرية ، قال : وظاهر قول ابن القاسم في الكتاب : كفاءة الرقيق يشير لقوله في ( الكتاب ) : : المسلمين بعضهم لبعض أكفاء ، وللعبد والمكاتب أن يتزوج ابنة سيده ، واستثقله ذات القدر إذا رضيت بعبد أو مولى مالك ، قال : الصحيح عدم كفايته ، وقال سحنون المغيرة : يفسخ ; لأن للناس مناكح عرفت بهم وعرفوا بها ، ونفيا للمعرة والضرر ، وفي الكتاب : قال غيره : وليس للعبد ، ومثله إذا دعت إليه ، وهي ذات قدر يكون الولي عاضلا برده ، واستثقل مالك زواج العبد والمكاتب ابنة سيده ، قال صاحب النكت : إنما استثقله ; لأنهما قد يرثهما فينفسخ النكاح ، والفرق بينه وبين تزوج أمة الولد مع توقع الإرث أن الوطء يبقى له بملك اليمين ، قال صاحب البيان : قال ابن القاسم : إذا ، حلفت وخيرت في البقاء ; لأن الأصل عدم العلم ، وهو ليس بكفء ، ويكون لها المسمى بالمسيس ، ولو كانت مكاتبة أو أمة فليس ( لها مقال ; لأنه كفء إلا أن تدعي أنه غرها ، وأخبرها بالحرية فتزوجته على ذلك فيحلف هو ; لأن الأصل عدم ) [ ص: 214 ] الاشتراط . تزوج مكاتب حرة فعرفت به بعد سنين وعرفها بنفسه
فإن نكل حلفت وخيرت ، وهذا البحث منه ، والتنقل يدل على اعتبار الحرية في الكفاءة .
الوصف الثالث : ، ففي الكتاب : المولى كفء للعربية ; لقوله تعالى : ( النسب إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) ( الحجرات : 13 ) ، فإن رضيت بدونها في الحسب ، وامتنع الأب أو غيره زوجها السلطان ، وفي الجواهر : وقيل ليس بكفء ، قال عبد الملك : معنى نكاح المولى العربية : إذا كان رغبة في دينه ; لقوله عليه السلام : ( ) ، وإذا لم يكن كذلك فالنكاح مردود قبل البناء وبعده ، ويعاقب الناكح والمنكح والشهود . إذا جاءكم من ترضون دينه وهديه فزوجوه ، وإن كان عبدا أسود أجدع أجذم
فائدة : الفرق بين النسب والحسب : أن النسب يرجع إلى الآباء والأمهات ، والحسب إلى المراتب والصفات الكريمة ، مأخوذ من الحساب ; لأن العرب كانت إذا تفاخرت حسبت مآثرها فتقول أضفنا بني فلان ، وأجرنا بني فلان ، وحملنا ، وفعلنا فسمي ذلك حسبا .
الوصف الرابع : كمال الخلقة ، وفي الجواهر : يؤمر الولي باختيار كامل الخلق ; لقول عمر رضي الله عنه : ، ولا الشيخ الكبير ، فإن كان النقص يضر كالجنون والجذام ، أو يؤدي إلى نقص الوطء كالعيوب المثبتة للخيار أبطل الله الكفاءة ، وكان لها رد النكاح ، وإلا فلا . لا يزوج الرجل وليته للقبيح الذميم
[ ص: 215 ] الوصف الخامس : المال ، وفي الجواهر : العجز عن حقوقها يوجب مقالها ، وكذلك القدرة على الحقوق لكنه يؤديها في مالها ، وأما غير ذلك فظاهر الكتاب : ليس لها مقال لقوله عليه السلام : ( مال الرجل حسبه ) ، وقيل : لا ، لعدم المعرة ، وروي عن ابن القاسم : إذا خالف الولي المرأة في خاطب أمره السلطان بتزويجها منه إن كافأها في القدر والحال والمال ، إن رأى منعه عضلا ، فإن أبى زوجها منه السلطان ، قال عبد الملك : على هذا القول أجمع أصحاب مالك .
تنبيه قال : حقها ، وحق الأولياء ، فإذا اتفقت معهم على تركها جاز ، وقاله الأئمة لتزويجه - عليه السلام - ابنته الكفاءة لعلي - رضي الله عنه - والفرق بين أبيها وأبيه معلوم ، ولا مكافئ له في الثقلين ، وتزوج سلمان ، وبلال وصهيب ، وغيرهم من الموالي والعجم العربيات العليات ، ولم ينكر ذلك عليهم فكان إجماعا ، ولم يخالف في ذلك إلا الإمامية .
فرع
قال في الكتاب إذا لم يسمع منه ، ويؤاخذ باعترافه أولا أن زواجه مصلحة ، إلا أن يظهر على خلاف ما علمه منه أولا . رضي الولي بعبد ومن ليس بكفء فزوجه ، ثم طلق فامتنع الولي منه بعد ذلك
[ ص: 216 ] تفريع
قال اللخمي : أما البربري والمولى فكفء إن كانت فقيرة ; لأن النسب ساقط مع الفقر عادة ، وأما الغنية : فإن كانت عادة بلدها عدم المعرة بذلك ، وإنما هو من باب الأولى ، زوجت ، وإلا فالقول قول الممتنع من الأب أو ابنته ، وأما العبد : فمعرة للغنية والفقيرة ، فإن اجتمع عليه الأب والابنة ولا عصبة لها زوجت إن كانت رشيدة بكرا أو ثيبا ، فإن كانت سفيهة ولها عصبة قريبة فلهم منعها دفعا للمعرة ، وينظر في هذا الباب إلى عادة أهل كل بلد فيحملون عليها . العربي كفء للشريفة فإنه لا يشينها