فالله يحكم بينكم يوم القيامة ، أي : يحكم بين المؤمنين الصادقين والمنافقين الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، فهنالك لا تروج دعواهم التي يدعونها عند النصر والفتح أنهم منكم ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ، أي : إن الكافرين لا يكون لهم من حيث هم كافرون سبيل ما على المؤمنين من حيث هم مؤمنون يقومون بحقوق الإيمان ويتبعون هديه ، وكلمة سبيل هنا نكرة في سياق النفي تفيد العموم ، وقد أخطأ من خصها بالحجة ، وسبب هذا التخصيص عدم فهم ما قررناه آنفا من كون النصر مضمونا بوعد الله وسنته للمؤمنين بشرطه الذي أشرنا إليه ، وقال بعضهم : إن هذا خاص بالآخرة ، والصواب : أنه عام فلا سبيل للكافرين على المؤمنين مطلقا ، وما غلب الكافرون المسلمين في الحروب والسياسة وأسبابها العلمية والعملية من حيث هم كافرون ، بل من حيث إنهم صاروا أعلم بسنن الله في خلقه وأحكم عملا بها ، والمسلمون تركوا ذلك كما علمت ، فليعتبر بذلك المعتبرون .