ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما هذه الجملة تشعر بعلة عدم غفران الشرك ، والمعنى : ومن يشرك بالله واجب الوجود قيوم السماوات والأرض القائم بنفسه الذي قام به كل شيء بأن يجعل لغيره شركة ما معه ـ دع الإلحاد بإنكار سلطته التي هي مصدر النظام البديع في الكون - سواء كانت تلك الشركة بالتأثير في الإيجاد والإمداد ، أو بالتشريع والتحليل والتحريم ، من يشرك به في ذلك فقد افترى إثما عظيما ، أي : اخترع ذنبا مفسدا عظيم الفحش والضرر سيئ المبدأ والأثر ، تستصغر في جنب عظمته جميع الذنوب والآثام ، فيكون جديرا بألا يغفر وإن كان ما دونه قد يمحوه الغفران ، والافتراء افتعال من فرى يفري ، وأصل معناه : القطع ، ويطلق على الكذب والإفساد ; لأن قطع الشيء الصحيح مفسد له ، [ ص: 123 ] والشرك بالقول لا يكون إلا كذبا وبالفعل لا يكون إلا فسادا ، قال الراغب : الفري قطع الجلد للخرز والإصلاح ، والإفراء : ( قطعه ) للإفساد ، والافتراء فيهما وفي الإفساد أكثر ، ولذلك استعمل في القرآن في الكذب والشرك والظلم ، وذكر الآية وغيرها من الشواهد .