المسألة السابعة : الرواية في : تيمم المسافر مع وجود الماء
قد علمت أن هذا هو الظاهر المتبادر من الآية التي لا يظهر بدونه تفسيرها بغير تكلف يخل ببلاغتها ، ولكنني لم أر في ذلك رواية عملية صريحة إلا حديث الأسلع بن شريك في سبب نزول الآية ، ففي الدر المنثور للحافظ السيوطي ما نصه :
" وأخرج في مسنده ، الحسن بن سفيان والقاضي إسماعيل في الأحكام ، في مشكل الآثار ، والطحاوي والبغوي ، والبارودي في الصحابة ، ، والدارقطني ، والطبراني وأبو نعيم في المعرفة ، وابن مردويه ، والبيهقي في سننه ، في المختارة والضياء المقدسي الأسلع بن شريك قال : " كنت أرحل ناقة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأصابتني جنابة في ليلة باردة ، وأراد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرحلة فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب ، وخشيت أن أغتسل بالماء [ ص: 105 ] البارد فأموت ، فأمرت رجلا من الأنصار في إرحالها ، ثم رضفت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت ، ثم سمعت ( لعله أدركت ) رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه فقال : يا أسلع ، ما لي أرى رحلتك تغيرت ؟ قلت : يا رسول الله لم أرحلها ، رحلها رجل من الأنصار ، قال : ولم ؟ قلت : إني أصابتني جنابة فخشيت القر على نفسي فأمرته أن يرحلها ورضفت أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت به ، فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل ، إلى قوله : إن الله كان عفوا غفورا وأخرج عن ابن سعد ، ، وعبد بن حميد ، وابن جرير والطبراني ، والبيهقي في سننه من وجه آخر الأسلع قال : " كنت أخدم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأرحل له فقال لي ذات ليلة : يا أسلع ، قم فأرحل ، فقلت : يا رسول الله أصابتني جنابة فسكت عني ساعة حتى جاءه جبريل بآية الصعيد ، فقال : قم يا أسلع ، فتيمم ثم أراني الأسلع كيف علمه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التيمم ، فضرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بكفيه الأرض ، فمسح وجهه ، ثم ضرب فدلك إحداهما بالأخرى ، ثم نفضهما ، ثم مسح بهما ذراعيه ظاهرهما وباطنهما " اهـ . عن
وحديث الأسلع في التيمم بالضربتين في سنده الربيع بن بدر ، وهو ضعيف وممن رواه عنه ، والروايات في التيمم في السفر قليلة ، وفي أكثرها ذكر فقد الماء ، فهذا هو الذي جعل الآية مشكلة أو معضلة عند المفسرين ; على أن أكثر تلك الروايات أو كلها على كونها وقائع أحوال منقولة بالمعنى ، ومن نظر في آية نظرا مستقلا فهمها كما فهمناها ، قال السيد الدارقطني حسن صديق خان :