[ ص: 216 ] ثم دخلت سنة ست وخمسمائة
في جمادى الآخرة منها جلس ابن الطبري مدرسا بالنظامية وعزل عنها الشاشي ، وفيها دخل الشيخ الصالح أحد العباد يوسف بن أيوب إلى بغداد فوعظ الناس ، وكان له القبول التام ، وكان فقيها شافعيا ، تفقه ثم اشتغل بالعبادة والزهادة ، فكانت له أحوال صالحة ، جاراه رجل مرة يقال له : بالشيخ أبي إسحاق الشيرازي ، ابن السقاء في مسألة ، فقال له : اسكت فإني أجد من كلامك رائحة الكفر ، ولعلك أن تموت على غير دين الإسلام . فاتفق بعد مدة أنه خرج إلى بلاد الروم في حاجة ، فتنصر هناك . فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، على الله توكلنا .
وقام إليه مرة وهو يعظ الناس ابنا ، فقالا له : إن كنت تتكلم على مذهب أبي بكر الشاشي الأشعري وإلا فاسكت ، فقال : لا متعتما بشبابكما ، فماتا شابين ولم يبلغا سن الكهولة ، وحج بالناس فيها أمير الجيوش نظر الخادم ، ونالهم عطش شديد .