قال الحافظ : أخبرنا البيهقي أبو سعد الماليني ، أنبأنا الحافظ حدثنا أبو أحمد ابن عدي يحيى بن علي بن هاشم الخفاف حدثنا أبو عبد الرحمن الأذرمي حدثنا إسماعيل ابن علية عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : شهدت مع عمومتي فما أحب أن أنكثه - أو كلمة نحوها - وإن لي حمر النعم حلف المطيبين قال : وكذلك رواه بشر بن المفضل عن عبد الرحمن قال : وأخبرنا أبو نصر بن قتادة حدثنا أبو عمرو بن مطر حدثنا أبو بكر بن أحمد بن داود السمناني حدثنا معلى بن مهدي حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة ما شهدت حلفا لقريش إلا حلف المطيبين وما أحب أن لي حمر النعم ، وأني كنت نقضته قال : والمطيبون; هاشم وأمية وزهرة ومخزوم قال : كذا روي [ ص: 456 ] هذا التفسير مدرجا في الحديث ولا أدري قائله ، وزعم بعض أهل السير أنه أراد البيهقي فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك حلف المطيبين . حلف الفضول
قلت : هذا لا شك فيه ، وذلك أن قريشا تحالفوا بعد موت قصي ، وتنازعوا في الذي كان جعله قصي لابنه عبد الدار من السقاية والرفادة واللواء والندوة والحجابة ، ونازعهم فيه بنو عبد مناف ، وقامت مع كل طائفة قبائل من قريش ، وتحالفوا على النصرة لحزبهم فأحضر أصحاب بني عبد مناف جفنة فيها طيب فوضعوا أيديهم فيها وتحالفوا فلما قاموا مسحوا أيديهم بأركان البيت فسموا المطيبين كما تقدم وكان هذا قديما ، ولكن المراد بهذا الحلف حلف الفضول وكان في دار عبد الله بن جدعان كما رواه عن الحميدي سفيان بن عيينة عن عبد الله عن محمد ، وعبد الرحمن ابني أبي بكر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت به في الإسلام لأجبت تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها ، وألا يعز ظالم مظلوما قالوا : وكان حلف الفضول قبل المبعث بعشرين سنة في شهر ذي القعدة وكان بعد حرب الفجار بأربعة أشهر ، وذلك لأن الفجار كان في شعبان من هذه السنة وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب وكان أول من تكلم به ، ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب وكان سببه أن رجلا من زبيد قدم مكة ببضاعة فاشتراها [ ص: 457 ] منه العاص بن وائل فحبس عنه حقه فاستعدى عليه الزبيدي الأحلاف; عبد الدار ومخزوما وجمح وسهما وعدي بن كعب فأبوا أن يعينوا على العاص بن وائل - وزبروه - أي انتهروه فلما رأى الزبيدي الشر أوفى على أبي قبيس عند طلوع الشمس - وقريش في أنديتهم حول الكعبة - فنادى بأعلى صوته
يا آل فهر لمظلوم بضاعته ببطن مكة نائي الدار والنفر ومحرم أشعث لم يقض عمرته
يا للرجال وبين الحجر والحجر إن الحرام لمن تمت كرامته
ولا حرام لثوب الفاجر الغدر
حلفت لنعقدن حلفا عليهم وإن كنا جميعا أهل دار
نسميه الفضول إذا عقدنا يعز به الغريب لذي الجوار
ويعلم من حوالي البيت أنا أباة الضيم نمنع كل عار
إن الفضول تعاقدوا وتحالفوا ألا يقيم ببطن مكة ظالم
أمر عليه تعاقدوا وتواثقوا فالجار والمعتر فيهم سالم
راح صحبي ، ولم أحي القتولا لم أودعهم وداعا جميلا
إذ أجد الفضول أن يمنعوها قد أراني ولا أخاف الفضولا
لا تخالي أني عشية راح الركب هنتم علي أن لا أقولا
وقال محمد بن إسحاق بن يسار : وتداعت قبائل من قريش إلى [ ص: 460 ] حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان لشرفه ، وسنه وكان حلفهم عنده ، بنو هاشم ، وبنو عبد المطلب ، وأسد بن عبد العزى ، وزهرة بن كلاب ، وتيم بن مرة فتعاهدوا وتعاقدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما ، من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا كانوا معه كانوا على من ظلمه حتى يرد عليه مظلمته فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول .
قال محمد بن إسحاق : فحدثني محمد بن زيد بن المهاجر قنفذ التيمي أنه سمع يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : طلحة بن عبد الله بن عوف الزهري عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعى به في الإسلام لأجبت . . لقد شهدت في دار
قال ابن إسحاق : وحدثني أن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي حدثه أنه كان بين محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي وبين الحسين بن علي بن أبي طالب - الوليد بن عتبة بن أبي سفيان والوليد يومئذ أمير المدينة أمره عليها عمه - منازعة في مال كان بينهما معاوية بن أبي سفيان بذي [ ص: 461 ] المروة فكان الوليد تحامل على الحسين في حقه لسلطانه فقال له الحسين : أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ، ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم لأدعون بحلف الفضول قال : فقال عبد الله بن الزبير - وهو عند الوليد حين قال له الحسين ما قال - : وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ، ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعا . قال : وبلغت فقال مثل ذلك . وبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي فقال مثل ذلك . فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي .