[ ص: 245 ] ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين ومائة
في المحرم منها جاز قحطبة بن شبيب الفرات ومعه الجنود والفرسان ، وابن هبيرة مخيم على فم الفرات مما يلي الفلوجة في خلق كثير وجم غفير ، وقد أمده مروان بجنود كثيرة ، وانضاف إليه كل من انهزم من جيش ابن ضبارة ثم إن قحطبة عدل إلى الكوفة ليأخذها ، فاتبعه ابن هبيرة ، فلما كانت ليلة الأربعاء لثمان مضين من المحرم اقتتلوا قتالا شديدا ، وكثر القتل في الفريقين ، وولى أهل الشام منهزمين ، واتبعهم أهل خراسان ، وفقد قحطبة من الناس ، فأخبرهم رجل أنه قتل ، وأنه أوصى أن يكون أمير الناس من بعده ولده الحسن ، ولم يكن الحسن حاضرا ، فبايعوا حميد بن قحطبة لأخيه الحسن ، وذهب البريد إلى الحسن ليحضر ، وقتل في هذه الليلة جماعة من سادات الأمراء ، والذي قتل قحطبة ، معن بن زائدة ويحيى بن حصين . وقيل : بل قتله رجل ممن كان معه آخذا بثأر بني نصر بن سيار . فالله أعلم . ووجد قحطبة في القتلى ، فدفن هنالك ، وسار الحسن بن قحطبة نحو الكوفة ، وقد خرج بها محمد بن خالد بن عبد الله القسري ، ودعا إلى بني العباس وسود ، وكان خروجه ليلة عاشوراء في المحرم من هذه السنة ، وأخرج عاملها من جهة ابن هبيرة ، وهو زياد بن صالح الحارثي وتحول محمد بن خالد إلى قصر الإمارة ، فقصده حوثرة في عشرين ألفا من جهة ابن هبيرة ، فلما اقترب حوثرة من الكوفة [ ص: 246 ] جعل أصحابه يذهبون إلى محمد بن خالد فيبايعونه لبني العباس ، فلما رأى حوثرة ذلك ارتحل إلى واسط . ويقال : بل دخل الحسن بن قحطبة الكوفة ، وكان قحطبة قد جعل في وصيته أن تكون وزارة الخلافة إلى أبي سلمة حفص بن سليمان مولى السبيع الكوفي الخلال وهو بالكوفة فلما قدموا عليه أشار أن يذهب الحسن بن قحطبة في جماعة من الأمراء إلى قتال ابن هبيرة بواسط ، وأن يذهب أخوه حميد إلى المدائن وبعث البعوث إلى كل جانب من تلك النواحي يفتتحونها ، وفتحوا البصرة ، افتتحها سلم بن قتيبة لابن هبيرة ، فلما قتل ابن هبيرة - كما سيأتي تفصيله - جاء أبو مالك عبد الله بن أسيد الخزاعي فأخذ البصرة لأبي مسلم الخراساني .
وفي هذه السنة ليلة الجمعة لثلاث عشرة خلت من ربيع الآخر منها ، أخذت البيعة قاله لأبي العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الملقب بالسفاح . أبو معشر . وقال وهشام بن الكلبي الواقدي : في جمادى الأولى من هذه السنة كانت السفاح . فالله أعلم . خلافة