[ ص: 298 - 299 ] الباب العشرون : في أحكام الحسبة الحسبة : هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ونهي عن المنكر إذا أظهر فعله .
وقال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } .
وهذا ، وإن صح من كل مسلم
nindex.php?page=treesubj&link=20212_20211_20210_20209_20208_20207_20206فالفرق فيه بين المتطوع والمحتسب من تسعة أوجه : أحدها أن فرضه متعين على المحتسب بحكم الولاية ، وفرضه على غيره داخل في فروض الكفاية .
والثاني : أن قيام المحتسب به من حقوق تصرفه الذي لا يجوز أن يتشاغل عنه ، وقيام المتطوع به من نوافل عمله الذي يجوز أن يتشاغل عنه بغيره .
والثالث أنه منصوب للاستعداء إليه فيما يجب إنكاره ، وليس المتطوع منصوبا للاستعداء .
والرابع : أن على المحتسب إجابة من استعداه وليس على المتطوع إجابته .
والخامس : أن عليه أن يبحث عن المنكرات الظاهرة ليصل إلى إنكارها ويفحص عما ترك من المعروف الظاهر ليأمر بإقامته وليس على غيره من المتطوعة بحث ولا فحص .
[ ص: 300 ] والسادس : أن له أن يتخذ على إنكاره أعوانا ; لأنه عمل هو له منصوب وإليه مندوب ليكون له أقهر وعليه أقدر وليس للمتطوع أن يندب لذلك أعوانا .
والسابع : أن له أن يعزر في المنكرات الظاهرة لا يتجاوز إلى الحدود ، وليس للمتطوع أن يعزر على منكر .
والثامن : أن له أن يرتزق على حسبته من بيت المال ، ولا يجوز للمتطوع أن يرتزق على إنكار منكر .
والتاسع : أن له اجتهاد رأيه فيما تعلق بالعرف دون الشرع كالمقاعد في الأسواق وإخراج الأجنحة فيه فيقر وينكر من ذلك ما أداه اجتهاده إليه وليس هذا للمتطوع ، فيكون الفرق بين والي الحسبة وإن كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وبين غيره من المتطوعين وإن جاز أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من هذه الوجوه التسعة .
[ ص: 298 - 299 ] الْبَابُ الْعِشْرُونَ : فِي أَحْكَامِ الْحِسْبَةِ الْحِسْبَةُ : هِيَ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ إذَا ظَهَرَ تَرَكَهُ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ إذَا أُظْهِرَ فَعَلَهُ .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=104وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ } .
وَهَذَا ، وَإِنْ صَحَّ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ
nindex.php?page=treesubj&link=20212_20211_20210_20209_20208_20207_20206فَالْفَرْقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَطَوِّعِ وَالْمُحْتَسِبِ مِنْ تِسْعَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا أَنَّ فَرْضَهُ مُتَعَيَّنٌ عَلَى الْمُحْتَسِبِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ ، وَفَرْضُهُ عَلَى غَيْرِهِ دَاخِلٌ فِي فُرُوضِ الْكِفَايَةِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ قِيَامَ الْمُحْتَسِبِ بِهِ مِنْ حُقُوقِ تَصَرُّفِهِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَشَاغَلَ عَنْهُ ، وَقِيَامُ الْمُتَطَوِّعِ بِهِ مِنْ نَوَافِلِ عَمَلِهِ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَتَشَاغَلَ عَنْهُ بِغَيْرِهِ .
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ لِلِاسْتِعْدَاءِ إلَيْهِ فِيمَا يَجِبُ إنْكَارُهُ ، وَلَيْسَ الْمُتَطَوِّعُ مَنْصُوبًا لِلِاسْتِعْدَاءِ .
وَالرَّابِعُ : أَنَّ عَلَى الْمُحْتَسِبِ إجَابَةَ مَنْ اسْتَعْدَاهُ وَلَيْسَ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ إجَابَتُهُ .
وَالْخَامِسُ : أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ لِيَصِلَ إلَى إنْكَارِهَا وَيَفْحَصَ عَمَّا تُرِكَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الظَّاهِرِ لِيَأْمُرَ بِإِقَامَتِهِ وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَطَوِّعَةِ بَحْثٌ وَلَا فَحْصٌ .
[ ص: 300 ] وَالسَّادِسُ : أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ عَلَى إنْكَارِهِ أَعْوَانًا ; لِأَنَّهُ عَمَلٌ هُوَ لَهُ مَنْصُوبٌ وَإِلَيْهِ مَنْدُوبٌ لِيَكُونَ لَهُ أَقْهَرَ وَعَلَيْهِ أَقْدَرَ وَلَيْسَ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَنْدُبَ لِذَلِكَ أَعْوَانًا .
وَالسَّابِعُ : أَنَّ لَهُ أَنْ يُعَزِّرَ فِي الْمُنْكَرَاتِ الظَّاهِرَةِ لَا يَتَجَاوَزُ إلَى الْحُدُودِ ، وَلَيْسَ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يُعَزِّرَ عَلَى مُنْكَرٍ .
وَالثَّامِنُ : أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْتَزِقَ عَلَى حِسْبَتِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَرْتَزِقَ عَلَى إنْكَارِ مُنْكِرٍ .
وَالتَّاسِعُ : أَنَّ لَهُ اجْتِهَادَ رَأْيِهِ فِيمَا تَعَلَّقَ بِالْعُرْفِ دُونَ الشَّرْعِ كَالْمَقَاعِدِ فِي الْأَسْوَاقِ وَإِخْرَاجِ الْأَجْنِحَةِ فِيهِ فَيُقِرُّ وَيُنْكِرُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ وَلَيْسَ هَذَا لِلْمُتَطَوِّعِ ، فَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ وَالِي الْحِسْبَةِ وَإِنْ كَانَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْمُتَطَوِّعِينَ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ التِّسْعَةِ .