( الفرق الثالث والتسعون والمائة بين قاعدة المجهول وقاعدة الغرر )
اعلم أن العلماء قد يتوسعون في هاتين العبارتين فيستعملون إحداهما موضع الأخرى وأصل الغرر هو الذي لا يدرى هل يحصل أم لا كالطير في الهواء والسمك في الماء .
وأما ما علم حصوله وجهلت صفته فهو المجهول كبيعه ما في كمه فهو يحصل قطعا لكن لا يدرى أي شيء هو كل واحد منهما أعم من الآخر من وجه وأخص من وجه فيوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه أما وجود الغرر بدون الجهالة فكشراء العبد الآبق المعلوم قبل الإباق لا جهالة فيه وهو غرر ؛ لأنه لا يدري هل يحصل أم لا ، والجهالة بدون الغرر كشراء حجر يراه لا يدري أزجاج هو أم ياقوت مشاهدته تقتضي القطع بحصوله فلا غرر ، وعدم معرفته تقتضي الجهالة به . فالغرر والمجهول
وأما فكالعبد الآبق المجهول الصفة قبل الإباق ، ثم الغرر والجهالة يقعان في سبعة أشياء في الوجود كالآبق قبل الإباق ، والحصول إن علم الوجود كالطير في الهواء وفي الجنس كسلعة لم يسمها وفي النوع كعبد لم يسمه وفي المقدار كالبيع إلى مبلغ رمي الحصاة وفي التعيين كثوب من ثوبين مختلفين وفي البقاء كالثمار قبل بدو صلاحها فهذه سبعة موارد للغرور والجهالة ، ثم الغرر والجهالة ثلاثة أقسام كثير ممتنع إجماعا كالطير [ ص: 266 ] في الهواء وقليل جائز إجماعا كأساس الدار وقطن الجبة ومتوسط اختلف فيه هل يلحق بالأول أو الثاني فلارتفاعه عن القليل ألحق بالكثير ولانحطاطه عن الكثير ألحق بالقليل ، وهذا هو سبب اختلاف العلماء في فروع الغرر والجهالة ( فائدة ) اجتماع الغرر والجهالة
أصل الغرر لغة قال رحمه الله هو ما له ظاهر محبوب وباطن مكروه ، ولذلك سميت الدنيا متاع الغرور قال ، وقد يكون من الغرارة وهي الخديعة ومنه الرجل الغر بكسر الغين للخداع ويقال للمخدوع أيضا ومنه قوله عليه السلام { القاضي عياض } . المؤمن غر كريم