( الحجة السادسة ) حجة عندنا خلافا الشاهد والنكول لنا وجوه : ( الأول ) أن النكول سبب مؤثر في الحكم فيحكم به مع الشاهد كاليمين من المدعي ، وتأثيره أن يكون المدعى عليه ينقل اليمين للمدعي . ( الثاني ) أن الشاهد أقوى من يمين المدعي بدليل أنه يرجع لليمين عند عدم الشاهد . ( الثالث ) أن الشاهد يدخل في الحقوق كلها بخلاف اليمين احتجوا بوجوه : ( الأول ) بأن السنة إنما وردت بالشاهد واليمين ، وهو تعظيم الله تعالى ، والنكول لا تعظيم فيه . ( وثانيها ) أن الحنث فيه يوجب الكفارة ، ويذر الديار بلاقع إذا أقدم عليها غموسا ، وليس كذلك النكول للشافعي
( الثالث ) أن النكول لا يكون [ ص: 92 ] أقوى حجة من جحده أصل الحق ، وجحده لا يقضى به مع الشاهد فإنه يكون قضاء بالشاهد وحده ، وهو خلاف الإجماع فكذلك النكول ، والجواب عن الأول أن التعظيم لا مدخل له هاهنا بدليل أنه لو سبح ، وهلل ألف مرة لا يكون حجة مع الشاهد ، وإنما الحجة في إقدامه على موجب العقوبة على تقدير الكذب ، وهذا كما هو وازع ديني فالنكول فيه وازع طبيعي لأنه إذا قيل له إن حلفت برئت ، وإن نكلت غرمت فإذا نكل كان ذلك على خلاف الطبع ، والوازع الطبيعي أقوى عندنا إثارة للظنون من الوازع الشرعي بدليل أن الإقرار يقبل من البر والفاجر لكونه على خلاف الوازع الطبيعي ، والشهادة لا تقبل إلا من العدل لأن وازعها شرعي فلا يؤثر إلا في المتقين من الناس ، وعن الثاني أن الكفارة قد تكون أولى من الحق المختلف فيه المجتلب ، وهو الغالب فتقدم عليه اليمين الكاذبة لأن الوازع حينئذ إنما هو الوازع الشرعي ، وقد تقدم أنه دون الوازع الطبيعي ، وعن الثالث أن مجرد الجحد لا يقضى به عليه فلا يخافه ، والنكول يقضى به عليه بعد تقدم اليمين فخافه طبعه فظهر أن النكول أقوى من اليمين ، وأقوى من الجحد ( الحجة السابعة ) عندنا خلافا المرأتان ، والنكول رضي الله عنه ، والمدرك هو ما تقدم سؤالا وجوابا ، وعمدته أنه قياس على اليمين بطريق الأولى كما تقدم تقريره . للشافعي