ولو قتل أهل الحرب ، وسبوا ولا يكون هذا أمانا إلا على الكف فأما على قتال أهل العدل فلو كان لهم أمان فقاتلوا أهل العدل كان نقضا لأمانهم ، وإن كانوا استعان أهل البغي بأهل الحرب على قتال أهل العدل أهل ذمة فقد قيل : ليس هذا نقضا للعهد قال : وأرى إن كانوا [ ص: 365 ] مكرهين أو ذكروا جهالة فقالوا : كنا نرى إذا حملتنا طائفة من المسلمين على أخرى أن دمها يحل كقطاع الطريق أو لم نعلم أن من حملونا على قتاله مسلم لم يكن هذا نقضا للعهد وأخذوا بكل ما أصابوا من دم ومال وذلك أنهم ليسوا بمؤمنين الذين أمر الله بالإصلاح بينهم وإن لم يقص منه ; لأنه مسلم محرم الدم . أتى أحدهم تائبا
( قال ) وقال لي قائل : ما تقول فيمن الشافعي ؟ قلت : يقاتله وإن أتى القتل على نفسه إذا لم يقدر على دفعه إلا بذلك ، وروي حديث النبي صلى الله عليه وسلم { أراد دم رجل أو ماله أو حريمه } قلت : هو كلام عربي ومعناه إذا أتى واحدة من الثلاث حل دمه فمعناه كان لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، وزنا بعد إحصان ، وقتل نفس بغير نفس قتل رجما أو قتل عمدا وترك القتل وتاب منه وهرب ثم قدر عليه قتل قودا ، وإذا كفر ثم تاب فارقه اسم الكفر وهذان لا يفارقهما اسم الزنا والقتل ولو تابا وهربا . رجلا زنى محصنا ثم ترك الزنا وتاب منه وهرب فقدر عليه
( قال ) ولا بأس إذا كان حكم الإسلام الظاهر أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين وذلك أنه تحل دماؤهم مقبلين ومدبرين ولا يستعان عليهم بمن يرى قتلهم مدبرين حتى ترجع إليه ولا يرمون بالمنجنيق ولا نار إلا أن تكون ضرورة بأن يحاط بهم فيخافوا الاصطدام أو يرمون بالمنجنيق فيسعهم ذلك دفعا عن أنفسهم وإن غلبوا على بلاد فأخذوا صدقات أهلها وأقاموا عليهم الحدود لم تعد عليهم ولا يرد من ولا يعين العادل إحدى الطائفتين الباغيتين وإن استعانته على الأخرى . قضاء قاضيهم إلا ما يرد من قضاء قاضي غيرهم
( وقال في موضع آخر ) إذا كان غير مأمون برأيه على استحلال دم ومال لم ينفذ حكمه ولم يقبل كتابه .
( قال ) ولو قبلت شهادته ما لم يكن يرى أن يشهد لموافقه بتصديقه ، فإن شهد منهم عدل غسل وصلي عليه ودفن وإن كان من أهل العدل ففيها قولان : أحدهما أنه كالشهيد والآخر أنه كالموتى إلا من قتله المشركون . قتل باغ في المعترك
( قال ) وأكره للعدل أن يعمد قتل ذي رحم من أهل البغي وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كف عن قتل أبيه أبا حذيفة بن عتبة وأبا بكر رضي الله عنه يوم أحد عن قتل ابنه ، وأيهما قتل أباه أو ابنه فقال بعض الناس : إن ورثه ، وإن قتله الباغي لم يرثه وخالفه بعض أصحابه ، فقال : يتوارثان ; لأنهما متأولان وخالفه آخر فقال : لا يتوارثان ; لأنهما قاتلان . قتل العادل أباه
( قال ) رحمه الله : وهذا أشبه بمعنى الحديث فيرثهما غيرهما من ورثتهما ومن أريد دمه أو ماله أو حريمه فله أن يقاتل وإن أتى ذلك على نفس من أراده ( قال الشافعي ) رحمه الله : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الشافعي } . من قتل دون ماله فهو شهيد
( قال ) رحمه الله : فالحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على جواز الشافعي . أمان كل مسلم من حر وامرأة وعبد قاتل أو لم يقاتل لأهل بغي أو حرب