كتابة الحربي
( قال ) رضي الله عنه : وإذا الشافعي أثبت الكتابة بينهما إلا أن يكون السيد أحدث لعبده قهرا على استعباده وإبطال الكتابة ، فإذا فعل . كاتب الحربي عبده في بلاد الحرب ، ثم خرجا مستأمنين
[ ص: 40 ] فالكتابة باطلة ولو كانت الكتابة ثابتة كهي في بلاد الإسلام ولو أحدث له المسلم قهرا بطل به الكتابة ، أو أدى إلى المسلم فأعتق والعبد مسلم ، أو كافر ، ثم قهره المسلم فسباه لم يكن له ذلك وكان حرا ; لأن الكتابة أمان له منه إن كان كافرا وعتق تام إن كان مسلما ، أو كافرا ، ولو كاتب مسلم في بلاد الحرب والعبد مسلم ، أو كافر لم يكن رقيقا ; لأن له أمانا من مسلم بعتقه إياه ولو كان أعتقه كافر بكتابة ، أو غير كتابة فسباه المسلمون كان رقيقا ; لأنه لا أمان له من مسلم فالذي أعتقه نفسه يسترق إذا قدر عليه . كان العبد كافرا فيعتق بكتابة المسلم ، ثم سباه المسلمون
ولو أن منعته من إخراجه ووكل من يقبض نجومه ، فإذا أدى عتق وكان ولاؤه للحربي وقيل : له إن أردت المقام في بلاد الإسلام فأسلم ، أو أد الجزية إن كنت ممن تؤخذ منه الجزية ، وإنما تركناك تقيم في بلاد الإسلام للأمان لك وإنك مال لا جزية عليك . حربيا دخل إلينا بأمان فكاتب عبده عندنا والعبد كافر فأراد أن يخرج به إلى بلاد الحرب وتحاكما إلينا
ولو فالمكاتب بحال يؤدي نجومه ، فإذا قبضت دفعت إلى ورثة الحربي ; لأنه مال له كان له أمان ولو لم يمت السيد ولم يقتل ولكنه سبي والمكاتب ببلاد الإسلام لم يعتق المكاتب ولم تبطل كتابته بسبي السيد ولو سبي سيد المكاتب لم تبطل الكتابة وكان المكاتب مكاتبا بحاله ، فإن أدى فعتق نظرت إلى سيده الذي كاتبه ، فإن كان قتل حين سبي أو من عليه ، أو فودي به فولاؤه لسيده الذي كاتبه وإن كان استرق فمات رقيقا لم يكن له ولاؤه وعتق المكاتب وكان لا ولاء له ولا يجوز أن أجعل الولاء لرقيق وإذا لم يجز أن يكون الولاء له لم يجز أن يكون الولاء لأحد بسببه ولد ولا سيد له ولو أعتق سيد المكاتب بعد ما استرق كان ولاؤه له ; لأنه قد أعتقه وصار ممن يصلح أن يكون له ولاء بالحرية ، فإن قيل : فكيف تجعل الولاء إذا أعتق سيده لسيد له وقد رق ؟ قيل بابتداء كتابته ، كما أجعل ولاء المكاتب يكاتبه الرجل ، ثم يموت السيد فيعتق المكاتب بعد موت سيده بسنين لسيده ; لأنه عقد كتابته والكتابة جائزة له ، ولو لم يدع الميت شيئا غيره والميت لا يملك شيئا ، فإن قيل : فكيف لم تبطل كتابته حين استرق سيده ؟ قيل : لأنه كاتبه والكتابة جائزة ولا يبطلها حادث كان من سيده كما لا تبطل الكتابة بموت السيد ولا إفلاسه ولا الحجر عليه ، فإذا كاتب الحربي عبده في بلاد الإسلام ورجع السيد إلى دار الحرب فسبي وأدى المكاتب الكتابة والحربي رقيق ، أو قد مات رقيقا ، فالكتابة لجماعة أهل الفيء من المسلمين ; لأنه لا يملك لها إذا بطل أن يملك سيد المكاتب ، وإذا لم يجز بأن صار رقيقا بعد الحرية أن يملك مالا لم يجز أن يملكه عبد سيده له ولا قرابة له ولو قتل السيد ، أو سبي فمن عليه قبل يجري عليه رق ، أو فودي به لم يكن رقيقا في واحد من هذه الأحوال ورد ماله إلى سيده في بلاد الحرب كان ، أو في بلاد الإسلام فإن مات رد على ورثته . كاتب الحربي عبدا له في بلاد الإسلام ، أو الحرب ، ثم خرجا مستأمنين ، ثم لحق السيد بدار الحرب ، فقتل أو مات
وإن استرق سيد المكاتب ، ثم عتق ففيها قولان : أحدهما : أن يدفع إليه إذا مكاتبته ، وإن مات قبل يدفع إليه دفع إلى ورثته ; لأنه كان مالا موقوفا له لم يملكه مالكه عليه لأنه مال كان له أمان فلم يجز أن نبطل أمانه ولا ملكه ما كان رقيقا ولا سيد دونه إذا لم يملكه هو فلما عتق كانت الأمانة مؤداة إليه إذا كان مالكا فكان ممنوعا منها إذا كان إذا ضرب إليه ملكها غيره عليه كما ورث الله عز وجل الأبوين ، فلما كان الأبوان مملوكين لم يجز أن يورثا ; لأنه يملك مالهما مالكهما ولو عتق الأبوان قبل موت الولد ورثا ، فإن قيل فقد ملك بعض هذا المال قبل عتق السيد ، قيل : كان موقوفا ليس لأحد بعينه ملكه كما يوقف مال المرتد ليملكه هو ، أو غيره إذا لم يرجع إلى الإسلام .
والقول الثاني : أنه إذا جرى عليه الرق فما أدى المكاتب لأهل الفيء ; لأنهم ملكوا ماله بأن صار غيره مالكا له إذا صار رقيقا . ولو كان فلم يحدث له . العبد لحق بدار الحرب
[ ص: 41 ] السيد قهرا يسترقه به حتى خرجا إلينا بأمان فهو على الكتابة ولو لحق بدار الحرب وأدى المكاتب بها ولم يحدث له السيد قهرا وخرجا إلينا كان حرا .
ولو بطلت الكتابة ، وكذلك لو أدى إليه ، ثم استعبده ، ثم أسلما معا في دار الحرب كان عبدا له كما يحدث قهر الحر ببلاد فيكون له عبدا . دخل إلينا حربي وعبده بأمان فكاتبه ، ثم خرج الحربي إلى بلاد الحرب ، ثم خرج عبده وراءه أو معه فأحدث له قهرا
ولو كان على ملك الحربي لأنه كان له أمان كما لو أغاروا على نصراني فاستعبدوه ثم استنقذه المسلمون كان حرا ; لأنه كان له أمان ، وكذلك لو دخل الحربي إلينا بأمان ، ثم كاتب عبده ، ثم خرج الحربي إلى بلاد الحرب ، ثم أغار المشركون على بلاد الإسلام فسبوا عبدا لحربي ، ثم استنقذه المسلمون كان له أمانه ، ولو أقام مكاتب الحربي في أيديهم حتى يمر به نجم لا يؤديه كان للحربي إن كان في بلاد الإسلام ، أو بلاد الحرب أن يعجزه ، فإن عجزه بطلت الكتابة ، وإن لم يعجزه فهو على الكتابة ، وهذا كله إذا كانت كتابته صحيحة ، فأما إذا كانت كتابته فاسدة بشرط فيها أو كاتبه على حرام مثل الكتابة على الخمر والخنزير وما أشبه هذا ، فإذا صار إلى المسلمين فرده مولاه أفسدوا الكتابة . أغاروا على الحربي ببلاد الإسلام وقد دخل بأمان فسبوه فاستنقذه المسلمون