باب خطأ الطبيب والإمام يؤدب أخبرنا الربيع بن سليمان قال قلت رضي الله عنه فما تقول في للشافعي الرجل يضرب امرأته الناشزة فتؤتى على يديه فتموت أو والإمام يضرب الرجل في الأدب أو في حد فيموت أحد من هؤلاء في شيء من ذلك أو الخاتن يؤتى على يديه فيموت أو الرجل يأمر الرجل يقطع شيئا من جسده فيموت وما أشبه ذلك ؟ ( قال المعلم يؤدب الصبي والرجل يؤدب يتيمه فيموت ) أصل هذه الأشياء من وجهين يكون عليه في أحدهما العقل ولا يكون عليه في الآخر العقل فأما ما لا يكون فيه من ذلك عقل فما كان لا يحل للإمام إلا أخذه ممن عاقبه به فإن تلف المعاقب به منه لم يكن على الذي عاقبه به [ ص: 190 ] شيء والمقيم عليه مأجور فيه وذلك مثل أن يزني وهو بكر فيجلده أو يسرق ما يجب فيه القطع فيقطعه أو يجرح جرحا فيقتص منه أو يقذف فيجلد حد القذف فكل ما كان في هذا المعنى من حد أنزله الله تعالى في كتابه أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن مات فيه فالحق قتله فلا عقل ولا كفارة على الإمام فيه والوجه الثاني الذي يسقط فيه العقل أن الشافعي فلا عقل ولا مأخوذية إن حسنت نيته إن شاء الله تعالى وذلك أن الطبيب والحجام إنما فعلاه للصلاح بأمر المفعول به أو والد الصبي أو سيد المملوك الذي يجوز عليهما أمره في كل نظر لهما كما يجوز عليهما أمر أنفسهما لو كانا بالغين فأما ما يأمر الرجل به الداء الطبيب أن يبط جرحه أو الأكلة أن يقطع عضوا يخاف مشيها إليه أو يفجر له عرقا ، أو الحجام أن يحجمه أو الكاوي أن يكويه أو يأمر أبو الصبي أو سيد المملوك الحجام أن يختنه فيموت من شيء من هذا ولم يتعد المأمور ما أمره به فعلى السلطان عقل المعاقب وعليه الكفارة ثم اختلف في العقل الذي يلزم السلطان فأما الذي أختار والذي سمعت ممن أرضى من علمائنا أن العقل على عاقلة السلطان وقد قال غيرنا من المشرقيين العقل على بيت المال لأن السلطان إنما يؤدب لجماعة المسلمين فيما فيه صلاحهم فالعقل عليهم في بيت مالهم وهكذا عاقب به السلطان في غير حد وجب لله وتلف منه المعاقب العقل على عاقلته وهكذا كل أمر لا يلزم السلطان أن يقوم به لله تعالى من حد أو قتل ولم يبحه المرء من نفسه على معنى المنفعة له فناله منه سلطان أو غيره فلا يبطل العقل به . الرجل يؤدب امرأته فتؤتى على يديه فتتلف
فإن قال قائل لم زعمت أن للسلطان أن يؤدب وأن يحد ثم أبطلت ما تلف بالحد وألزمته ما تلف بالأدب ؟ قلنا فإن الحد فرض على السلطان أن يقوم به وإن تركه كان عاصيا لله بتركه والأدب أمر لم يبح له إلا بالرأي وحلال له تركه ألا ترى { } ولو كانت العقوبة تلزم لزوم الحد ما تركهم كما قال صلى الله عليه وسلم وقطع امرأة لها شرف فكلم فيها فقال : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ظهر على قوم أنهم قد غلوا في سبيل الله فلم يعاقبهم . } وقد قال الله تبارك وتعالى { لو سرقت فلانة لامرأة شريفة لقطعت يدها وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله } والذي يعرف أن الخطأ أن يرمي الشيء فيصيب غيره وقد يحتمل معنى غيره .
( قال ) ولم أعلم من أهل العلم مخالفا في أن للرجل أن الشافعي ضمن دية المصاب إذا مات وثمن الشاة إذا ماتت فوجدت حكمهم له بإباحة الرمية إذا تعقب فمعناه معنى أن يرمي على أن لا يتلف مسلما ولا حق مسلم ووجدته يحل له أن يترك الرمي كما وجدته يحل للإمام أن يترك العقوبة وكان الشيء الذي يفعله الإمام وله تركه بالرمية يرميها الرجل مباحة له وله تركها فيتلف شيئا فيضمنه الرامي أشبه به منه بالحد الذي فرض الله عز وجل أن يأخذه بل العقوبة أولى أن تكون مضمونة إن جاء فيها تلف من الرمية لأنه لا يختلف أحد في أن الرمية مباحة وقد يختلف الناس في العقوبات فيكره بعضهم العقوبة ويقول بعضهم لا يبلغ بالعقوبة كذا ويقول بعضهم لا يزاد فيها على كذا وفي مثل معنى الرامي الرجل يؤدب امرأته لأنه كان له أن يدعها وكان الترك خيرا له لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد الإذن بضربهن [ ص: 191 ] { يرمي الصيد وأن يرمي الغرض وأنه لو رمى واحدا منهما ولا يرى إنسانا ولا شاة لإنسان فأصابت الرمية إنسانا أو شاة لإنسان } وكان الضارب إذا كان الترك خيرا له أولى أن يضمن إن كان تلف على المضروب لأنه عامد للضرب الذي به التلف في الحكم من الرامي الذي لم يعمد قط أن يصيب المرمي . لن يضرب خياركم
( قال ) فإن قال قائل فهل من شيء يعنيه سوى هذا ؟ فهذا مكتفى به وقد قال الشافعي كرم الله وجهه ما من أحد يموت في حد فأجد في نفسي منه شيئا لأن الحق قتله إلا المحدود في الخمر فإنه شيء أحدثناه بعد النبي صلى الله عليه وسلم فإن مات منه فديته لا أدري قال في بيت المال أو على الذي حده ، شك علي بن أبي طالب . الشافعي
( قال ) وبلغنا أن الشافعي رضي الله عنه بعث إلى امرأة في شيء بلغه عنها فذعرها ففزعت فأسقطت فاستشار عمر بن الخطاب في سقطها فقال له عمر رضي الله عنهما كلمة لا أحفظها أعرف أن معناها أن عليه الدية فأمر علي عمر رضي الله عنهما أن يضربها على قومه وقد كان عليا أن يبعث وللإمام أن يحد في الخمر عند العامة فلما كان في البعثة تلف على المبعوث إليها أو على ذي بطنها فقال لعمر وقال علي إن عليه مع ذلك الدية كان الذي نراهم ذهبوا إليه مثل الذي وصفنا من أن لي أن أرمي على أن لا يتلف أحد برميتي فذهبوا - والله أعلم - إلى أنه وإن كانت له الرسالة فعليه أن لا يتلف بها أحدا فإن تلف ضمن وكان المأثم مرفوعا . عمر