خلاف بعض الناس في المرتد والمرتدة ( قال ) رحمه الله تعالى وخالفنا بعض الناس في غير ما خالفنا فيه بعض أصحابنا من المرتد والمرتدة فقال إذا ارتدت المرأة الحرة عن الإسلام حبست ولم تقتل وإن ارتدت الأمة تخدم القوم دفعت إليهم وأمروا بأن يجبروها على الإسلام قال وكانت حجته في أن لا تقتل المرأة على الردة شيئا رواه عن الشافعي عن عاصم أبي رزين عن رضي الله تعالى عنهما في المرأة ترتد عن الإسلام تحبس ولا تقتل [ ص: 181 ] وكلمني بعض من يذهب هذا المذهب وبحضرتنا جماعة من أهل العلم بالحديث فسألناهم عن هذا الحديث فما علمت واحدا منهم سكت عن أن قال هذا خطأ والذي روى هذا ليس ممن يثبت أهل العلم حديثه فقلت له قد سمعت ما قال هؤلاء الذين لا شك في علمهم بحديثك وقد روى بعضهم عن ابن عباس أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فكيف لم تصر إليه ؟ قال إني إنما ذهبت في ترك قتل النساء إلى القياس على السنة لما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء من أهل دار الحرب كان النساء ممن ثبتت له حرمة الإسلام أولى - عندي - أن لا يقتلن . أبي بكر
وقلت له أو جعلتهن قياسا على أهل دار الحرب لأن الشرك جمعهن ؟ قال لا قلت ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما زعمت عن قتل الشيخ الفاني والأجير مع نهيه عن قتل النساء فإن قلت نعم قلت أفرأيت أتقتلهما أم تدعهما لعلتك بالقياس على أهل دار الحرب ؟ فقال بل أقتلهما قلت شيخا فانيا وأجيرا ارتدا قال فأقتله قلت وأنت لا تقتل الرهبان من أهل دار الحرب قال لا قلت وتغنم مال الشيخ والأجير والراهب ولا تغنم مال المرتد ؟ قال نعم قلت لم ؟ ألأن المرتد لا يشبه أهل دار الحرب قال ما يشبهه قلت أجل ولئن كنت علمت أنه لا يشبهه فأردت أن تشبه على أهل الجهالة ليشرع قولك فإذا لم أقتل النساء من أهل دار الحرب لم أقتلهن ممن ثبتت له حرمة الإسلام يسرع هذا إلى قلوبهم بجهلهم والغباء الذي فيهم وأنت تعلم أن ليس في هذا القول أكثر من تعقلهم أن هذه المنزلة قريبة من المأثم إلا أن يعفو الله عز وجل ولئن كان هذا اجتهادا أن من نسبك إلى العلم بالقياس لجاهل بالقياس أرأيت إذا كان فرجل ارتد فترهب عندك أن لا تقتل كيف حبستها وأنت لا تحبس الحربية إنما تسبيها وتأخذ مالها وأنت لا تستأمن هذه ولا تأخذ مالها . حكم المرتدة
أرأيت لو كان الحبس حقا عليها كيف عطلت الحبس عن الأمة المرتدة إذا احتاج إليها أهلها ؟ أو رأيت أهل الأمة إذا احتاجوا إليها وقد سرقت أتقطعها إذا سرقت وتقتلها إذا قتلت ولا تدفعها إليهم لحاجتهم إليها ؟ .
قال نعم قلت لأن الحق لا يعطل عن الأمة كما لا يعطل عن الحرة ؟ قال نعم قلت فكيف عطلت عنها الحبس إن كان حقا في هذا الموضع ؟ أو حبست الحرة إن لم يكن الحبس حقا ؟ قال وقلت له هل تعدو الحرة أن تكون في معنى ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } فتكون مبدلة دينها فتقتل ؟ أو يكون هذا على الرجل دونها فمن أمرك بحبسها ؟ وهل رأيت حبسا قط هكذا ؟ إنما الحبس ليبين لك الحد فقد بان لك كفرها فإن كان عليها قتل قتلها وإن لم يكن فالحبس لها ظلم قال فتقول ماذا ؟ . من بدل دينه فاقتلوه
قلت أقول إن قتلها نص في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله { } وقوله { من بدل دينه فاقتلوه كانت كافرة بعد إيمان فحل دمها كما إذا كانت زانية بعد إحصان أو قاتلة نفس بغير نفس قتلت ولا يجوز أن يقام عليها حد ويعطل الآخر وأقول القياس فيها على حكم الله تبارك وتعالى لو لم يكن هذا أن تقتل وذلك أن الله تعالى لم يفرق بينها وبين الرجل في حد قال الله تبارك وتعالى { لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان أو زنا بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } وقال جل ذكره { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } .
وقال { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة } فقال المسلمون في اللاتي يرمين المحصنات يجلدن ثمانين جلدة ولم يفرقوا بينها وبين الرجل يرمي إذ رمت فكيف فرقت بينها وبين الرجل في الحد ؟ .
( قال ) عفا الله عنه فقلنا له النص عليك والقياس عليك وأنت تدعي القياس حيث تخالفه فقال أما إن الشافعي قد قال قولكم فزعم أن المرتدة تقتل فقلت أرجو أن يكون [ ص: 182 ] ذلك خيرا له أبا يوسف