أين تكون العاقلة ؟
( قال ) رحمه الله تعالى : والعاقلة النسب فإذا الشافعي بمكة وعاقلته بالشام فإن لم يكن مضى خبر يلزم بخلاف القياس فالقياس أن يكتب حاكم جنى الرجل مكة إلى حاكم الشام فيأخذ عاقلته بالعقل ولا يحمله أقرب الناس إلى عاقلته بمكة بحال وله عاقلة بأبعد منها ، وإن جوهدوا حتى يؤخذ منهم كما يجاهدون على كل حق لزمهم فإن لم يقدر عليهم لم يؤخذ من غيرهم وكان كحق عليهم غلبوا عليه متى قدر عليهم أخذ منهم ( قال ) وقد قيل : يحمله عاقلة الرجل ببلده ثم أقرب العواقل بهم ولا ينتظر بالعقل غائب يقدم ولا رجل ببلد يؤخذ منه بكتاب - والله أعلم - . وإن امتنعت عاقلته من أن يجري عليهم الحكم أخذ من ماله ما يلزمه وإذا كانت العاقلة كثيرا يحتمل العقل بعضهم على ما وصفت أن الرجل يحتمل من العقل ويفضل وكانوا حضورا بالبلد وأموالهم فقد قيل يأخذ الوالي من بعضهم دون بعض ; لأن العقل لزم الكل وأحب إلي أن يفض ذلك عليهم حتى يستووا فيه وإن قل كل ما يؤخذ من كل واحد منهم وإن كانت العاقلة حاضرة فغاب منهم رجل يحتمل العقل فقد قيل يؤخذ من الحضور دون الغيب عن البلد على المعنى الذي وصفت في مثل المسألة التي قبلها ، ومن ذهب إلى هذا قال الجناية من غير من تؤخذ منه وكل يلزمه اسم عاقلة رأيهم أخذ منه فهو مفض عليه مما أخذ منه ولا يؤخذ حاضر بغائب غيره ( قال ) ولا أرد الذي أخذت منه على من لم آخذ منه وهذا يشبه مذاهب كثيرة لأهل العلم - والله تعالى أعلم - ومن قال هذا القول قال لو كان من يحضر من العاقلة يحتمل العقل ومنهم جماعة غيب عن البلد لم يؤخذ منه شيء وقيل ذلك فيه لو كان حاضرا وامتنع من أن يؤدي العقل وإذا تغيب بعض العاقلة ولم يوجد له مال حاضر ثم أخذ العقل ممن بقي ثم حضر الغائب أدى كل رجل منهم من إبله ويجبرون على أن يشترك النفر في البعير بقدر ما يلزمهم من العقل وإذا كانت إبل العاقلة مختلفة فما لزمه من دية أو أرش جناية وإن قلت جعلتها على العاقلة . وإذا جنى الحر على الحر خطأ ففيها قولان : أحدهما أن تحمله العاقلة عنه ; لأنها جناية حر على نفس محرمة . والثاني لا تحمله العاقلة ; لأنه قيمة لا دية ، وإذا جنى الحر على [ ص: 127 ] العبد خطأ مثل أن يقتل ذميا أو وثنيا أو مستأمنا فالدية في ماله لا تضمن العاقلة منها ، وكذلك إذا جنى الحر جناية عمد لا قصاص فيها بحال فهو في ماله دون عاقلته ، وإذا جنى رجل على رجل جائفة أو ما لا قصاص فيه ضمنتها العاقلة ، وإن جنيا عمدا فقد قيل تعقلها العاقلة كالخطأ في ثلاث سنين وقيل لا تعقلها العاقلة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قضى أن تحمل العاقلة الخطأ في ثلاث سنين ويدخل هذا أنا إن قضينا به عمدا إلى ثلاث سنين فإنما يقضي بدية العمد حالة وإن قضينا بها حالة فلم يقض على العاقلة بدية إلا في ثلاث سنين ولا تعقل العاقلة جناية عمد بحال . . جنى الصبي والمعتوه جناية خطأ