( قال الجناية على العبد ) أخبرنا الشافعي عن سفيان بن عيينة الزهري عن أنه قال عقل العبد في [ ص: 112 ] ثمنه وأخبرنا سعيد بن المسيب عن يحيى بن حسان عن الليث بن سعد ابن شهاب عن أنه قال عقل العبد في ثمنه كجراح الحر في ديته وقال سعيد بن المسيب ابن شهاب وكان رجال سواه يقولون يقوم سلعة ( قال ) وخالف قول الشافعي الزهري من الناس الذين قالوا هو سلعة وخالف قول ، سعيد بن المسيب والزهري لم يحك فيه بالمدينة إلا هذين القولين ولم أعلم أحدا قط قال غير هذين القولين قبله فزعم في موضحة العبد ومنقلته ومأمومته وجائفته أنها في ثمنه مثل جراح الحر في ديته وزعم فيما بقي من جراحه أنها مثل جراح البعير فيه ما نقصه فلا بقول ولا بقول الناس الذين حكى عنهم سعيد الزهري ( قال ) وهو يريد أن يجعل الشافعي ابن شهاب ومثله حجة على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجعل قول ابن شهاب ولا قول القاسم ولا قول عامة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حجة على رأي نفسه مع ما لو جمع من الحديث موصولا كان كثيرا فإذا جاز أن يكون هذا مردودا بأن الوهم قد يمكن على عدد كثير يروون أحاديث كلهم يحيلها على الثقة حتى يبلغ بها إلى من سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم فكيف جاز لأحد أن يعيب من رد الحديث المنقطع ; لأنه لا يدري عمن رواه صاحبه وقد خبر من كثير منهم أنهم قد يقبلون الأحاديث ممن أحسنوا الظن به ويقبلونها ممن لعلهم لا يكونون خابرين به ويقبلونها من الثقة ولا يدرون عمن قبلها من قبلها عنه وأن يحدثوا بها هكذا ذكروا أنهم لم يسمعوها من ثبت . كان وما زال أهل الحديث في القديم والحديث يثبتون فلا يقبلون الرواية التي يحتجون بها ويحلون بها ويحرمون بها إلا عمن أمنوا يسأل عن الشيء فيرويه عمن قبله ويقول سمعته وما سمعته من ثبت ( قال عطاء بن أبي رباح ) أخبرنا بذلك الشافعي مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن عنه هذا في غير قول وكان ابن جريج إذا حدثه رجل حديثا قال إن كان الذي حدثك مليا وإلا فدعه يعني حافظا ثقة ( قال طاوس ) أخبرنا عمي الشافعي عن محمد بن علي عن أبيه أنه قال إني لأسمع الحديث أستحسنه فما يمنعني من ذكره إلا كراهية أن يسمعه سامع فيقتدي به أسمعه من الرجل لا أثق به قد حدثه عمن أثق به وأسمعه من الرجل أثق به حدثه عمن لا أثق به وقال هشام بن عروة سعيد بن إبراهيم لا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الثقات ( قال ) أخبرنا الشافعي سفيان عن يحيى بن سعيد قال سألت ابنا عن مسألة فلم يقل فيها شيئا فقيل له إنا لنعظم أن يكون مثلك ابن إمام هدى تسأل عن أمر ليس عندك فيه علم ؟ ، فقال أعظم والله من ذلك عند الله وعند من عرف الله وعند من عقل عن الله أن أقول ما ليس لي به علم أو أخبر عن غير ثقة وكان لعبد الله بن عمر ابن سيرين والنخعي وغير واحد من التابعين يذهب هذا المذهب في أن لا يقبل إلا عمن عرف وما لقيت ولا علمت أحدا من أهل العلم بالحديث يخالف هذا المذهب ، والله أعلم .