. العذر الذي يكون للزوج أن يخرجها .
( قال ) قال الله تبارك وتعالى في المطلقات { الشافعي لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } .
( قال ) أخبرنا الشافعي عن عبد العزيز بن محمد محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم عن أنه كان يقول : الفاحشة المبينة أن تبذو على أهل زوجها فإذا بذت فقد حل إخراجها : أخبرنا ابن عباس عن عبد العزيز بن محمد محمد بن عمرو عن محمد بن إبراهيم أن عائشة كانت تقول اتقي الله يا فقد علمت في أي شيء كان ذلك : قال أخبرنا فاطمة عن مالك عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن عن { أبي سلمة بن عبد الرحمن أن فاطمة بنت قيس أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة وهو غائب بالشام فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته فقال والله مالك علينا من شيء فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال ليس لك عليه نفقة وأمرها أن تعتد في بيت . ثم قال تلك امرأة يغشاها أصحابي فاعتدي عند أم شريك فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك ابن أم مكتوم } .
( قال ) أخبرنا الشافعي عن إبراهيم ابن أبي يحيى عن أبيه قال [ ص: 252 ] قدمت عمرو بن ميمون بن مهران المدينة فسألت عن أعلم أهلها فدفعت إلى فسألته عن المبتوتة ؟ فقال تعتد في بيت زوجها فقلت : فأين حديث سعيد بن المسيب ؟ فقال هاه ووصف أنه تغيظ ، وقال فتنت فاطمة بنت قيس الناس كانت للسانها ذرابة فاستطالت على أحمائها فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت فاطمة قال : أخبرنا ابن أم مكتوم عن مالك يحيى بن سعيد عن القاسم وسليمان أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم ألبتة فانتقلها عبد الرحمن بن الحكم فأرسلت عائشة إلى وهو أمير مروان بن الحكم المدينة فقالت : اتق الله يا مروان واردد المرأة إلى بيتها ، فقال مروان في حديث سليمان إن عبد الرحمن غلبني . وقال مروان في حديث القاسم أو ما بلغك شأن ؟ فقالت فاطمة بنت قيس عائشة لا عليك أن لا تذكر شأن فقال : إن كان إنما بك الشر فحسبك ما بين هذين من الشر . فاطمة
( قال ) رحمه الله تعالى : أخبرنا الشافعي عن مالك ، أن ابنة نافع كانت عند لسعيد بن زيد عبد الله فطلقها ألبتة فخرجت فأنكر ذلك عليها . ابن عمر
( قال ) الشافعي فعائشة ومروان يعرفون أن حديث وابن المسيب في أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تعتد في بيت فاطمة كما حدثت ويذهبون إلى أن ذلك إنما كان للشر ويزيد ابن أم مكتوم يتبين استطالتها على أحمائها ويكره لها ابن المسيب وغيره أنها كتمت في حديثها السبب الذي أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في غير بيت زوجها خوفا أن يسمع ذلك سامع فيرى أن للمبتوتة أن تعتد حيث شاءت . ابن المسيب
( قال ) وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشافعي إذ بذت على أهل زوجها فأمرها أن تعتد في بيت فاطمة بنت قيس تدل على معنيين أحدهما أن ما تأول ابن أم مكتوم في قول الله عز وجل { ابن عباس إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } هو البذاء على أهل زوجها كما تأول إن شاء الله تعالى قال : وبين إنما أذن لها أن تخرج من بيت زوجها فلم يقل لها النبي صلى الله عليه وسلم اعتدي حيث شئت ولكنه حصنها حيث رضي إذ كان زوجها غائبا ولم يكن له وكيل بتحصينها . فإذا بذت المرأة على أهل زوجها فجاء من بذائها ما يخاف تساعر بذاءة إلى تساعر الشر فلزوجها إن كان حاضرا إخراج أهله عنها فإن لم يخرجهم أخرجها إلى منزل غير منزله فحصنها فيه وكان عليه كراؤه إذا كان له منعها أن تعتد حيث شاءت كان عليه كراء المنزل وإن كان غائبا كان لوكيله من ذلك ماله . وإن لم يكن له وكيل كان السلطان ولي الغائب يفرض لها منزلا فيحصنها فيه ، فإن تطوع السلطان به أو أهل المنزل فذلك ساقط عن الزوج ، ولم نعلم فيما مضى أحدا بالمدينة أكرى أحدا منزلا إنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم وبأموالهم مع منازلهم ، وإن لم يتطوع به السلطان ولا غيره فعلى زوجها كراء المنزل الذي تصير إليه . ولا يتكارى لها السلطان إلا بأخف ذلك على الزوج وإن كان بذاؤها حتى يخاف أن يتساعر ذلك بينها وبين أهل زوجها عذرا في الخروج من بيت زوجها كان كذلك كل ما كان في معناه وأكثر من أن يجب حد عليها فتخرج ليقام عليها أو حق فتخرج لحاكم فيه أو يخرجها أهل منزل هي فيه بكراء أو عارية ليس لزوجها أو ينهدم منزلها الذي كانت فيه أو تخاف في منزل هي فيه على نفسها أو مالها أو ما أشبه هذا من العذر فللزوج في هذه الحالات أن يحصنها حيث صيرها وإسكانها وكراء منزلها .
( قال ) فكراؤه عليه متى قامت به عليه وإن لم يأمرها فتكارت منزلا فلم ينهها ولم يقل لها أقيمي فيه فإن طلبت الكراء وهي في العدة استقبل كراء منزلها من يوم تطلبه حتى تنقضي العدة وإن لم تطلبه حتى تنقضي العدة فحق لها تركته وعصت بتركها أن يسكنها فلا يكون لها وهي عاصية سكنى وقد مضت العدة ، وإن أنزلها منزلا له بعد الطلاق أو طلقها في منزل له أو طلقها وهي زائرة [ ص: 253 ] فكان عليها أن تعود إلى منزل له قبل أن يفلس ثم فلس فهي أحق بالمنزل منه ومن غرمائه كما تكون أحق به لو أكراها وأخذ كراءه منها من غرمائه أو أقر لها بأنها تملك عليه السكنى قبل أن يقوم غرماؤه عليه ، وإن كان في المنزل الذي أنزلها فيه فضل عن سكناها كانت أحق بما يكفيها ويسترها من منزله وكان الغرماء أحق بما بقي منه لأنه شيء أعطاها إياه لم يستحق أصله عليه ولم يهبه لها فتكون أحق به إنما هو عارية ، وما أعار فلم يملكه من أعيره فغرماؤه أحق به ممن أعيره ولو كان طلاقه إياها بعد ما يقف السلطان ماله للغرماء ، كانت أسوة الغرماء في كراء منزل بقدر كرائه ويحصنها حيث يكاري لها ، فإن كان لأهلها منزل أو لغير أهلها فأرادت نزوله وأراد إنزالها غيره فإن تكارى لها منزلا فهو أحق بأن ينزلها حيث أراد وإن لم يتكار لها منزلا ولم يجده لم يكن عليها أن تعتد حيث أراد زوجها بلا منزل يعطيها إياه حيث قدرت إذا كان قرب ثقة ومنزلا ستيرا منفردا أو مع من لا يخاف ، فإن دعت إلى حيث يخاف منعته ، ولو أعطاها السلطان في هذا كله كراء منزل كان أحب إلي وحصنها له فيه . وإن أمرها أن تكاري منزلا بعينه فتكارته
( قال ) رحمه الله تعالى : وكل نكاح صحيح طلق رجل فيه امرأته مسلمة حرة أو ذمية أو مملوكة فهو كما وصفت في الحرة إلا أن لأهل الذمية أن يخرجوها في العدة ومتى أخرجوها فلا نفقة لها إن كانت حاملا ولا سكنى كان طلاق زوجها يملك الرجعة أو لا يملكها . وهكذا كل زوج حر مسلم وذمي وعبد أذن له سيده في النكاح فعليه من سكنى امرأته ونفقتها إذا كانت حرة أو أمة متروكة معه ما على الحر وليس نفقتها وهي زوجة له بأوجب من سكناها في الفراق ونفقتها عليه . الشافعي
( قال ) وإذا كان الطلاق لا يملك فيه الزوج الرجعة فهكذا القول في السكنى فأما طلاق يملك فيه الزوج الرجعة فحال المرأة في السكنى والنفقة حال امرأته التي لم تطلق لأنه يرثها وترثه في العدة ويقع عليها إيلاؤه وليس له أن ينقلها من منزله إلى غيره إلا أن تبذو أو يراجعها فيحولها حيث شاء . وله أن يخرجها قبل مراجعتها إن بذت عليه كما تخرج التي لا يملك رجعتها . والله سبحانه وتعالى الموفق . الشافعي