فإن قال أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا وإن ولدها هذا أو حبلها هذا إن كان حبلا لمن زنا ما هو مني ثم يقولها في كل شهادة وفي قوله وعلي لعنة الله حتى تدخل مع حلفه على صدقه على الزنا لأنه قد رماها بشيئين بزنا وحمل أو ولد ينفيه فلما ذكر الله عز وجل الشهادات أربعا ثم فصل بينهن باللعنة في الرجل والغضب في المرأة دل ذلك على حال افتراق الشهادات في اللعنة والغضب واللعنة والغضب بعد الشهادة موجبتان على من أوجب عليه لأنه متجرئ على النفي وعلى الشهادة بالله تعالى باطلا ثم يزيد فيجترئ على أن يلتعن وعلى أن يدعو بلعنة الله فينبغي للوالي إذا عرف من ذلك ما جهلا أن يفقههما نظرا لهما استدلالا بالكتاب والسنة . لاعنها بإنكار ولد أو حبل
أخبرنا عن ابن عيينة عاصم بن كليب عن أبيه عن { ابن عباس } أخبرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حين لاعن بين المتلاعنين أمر رجلا أن يضع يده على فيه في الخامسة وقال إنها موجبة عن مالك ابن شهاب أن أخبره { سهل بن سعد الساعدي عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له يا أرأيت لو أن عاصم ؟ سل لي يا رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجع إلى أهله جاءه عاصم عويمر فقال يا ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال عاصم عاصم لعويمر لم تأتني بخير قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها فقال عويمر والله لا أنتهي حتى أسأله عنها فجاء عويمر ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فاذهب فائت بها فقال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا من تلاعنهما قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال أن وقال مالك ابن شهاب فكانت تلك سنة المتلاعنين ( قال ) رحمه الله سمعت الشافعي إبراهيم بن سعد بن إبراهيم يحدث عن ابن شهاب عن أنه أخبره قال { سهل بن سعد عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال : يا عاصم بن عدي سل لي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فيقتل به أم كيف يصنع ؟ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فعاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل فلقيه عاصم عويمر فقال ما صنعت ؟ قال صنعت أنك لم تأتني بخير سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاب المسائل فقال عويمر والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأسألنه فأتاه فوجده قد أنزل الله عليه فيهما فدعاهما فلاعن بينهما فقال عويمر لئن انطلقت بها لقد كذبت عليها ففارقها قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم } قال جاء ابن شهاب فصارت سنة في المتلاعنين ثم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } قال فجاءت به على النعت المكروه ( قال أبصروها فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين فلا أراه إلا قد صدق وإن جاءت به أحيمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا ) رحمه الله الوحرة دابة تشبه الوزغ أخبرنا الشافعي عن أبيه عن إبراهيم بن سعد سعيد بن المسيب " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة } فجاءت به أديعج أخبرنا إن جاءت به أشقر سبطا فهو لزوجها وإن جاءت به أديعج فهو للذي يتهمه عن عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب ابن شهاب عن عن النبي صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين مثل معنى حديث سهل بن سعد مالك وإبراهيم فلما انتهى إلى فراقها [ ص: 135 ] قال في الحديث ففارقها وما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بفراقها فمضت سنة المتلاعنين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } فجاءت به على الأمر المكروه . أخبرنا انظروها فإن جاءت به أحمر قصيرا كأنه وحرة فلا أحسبه إلا كذب عليها وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتين فلا أحسبه إلا قد صدق عليها سعيد بن سالم عن عن ابن جريج ابن شهاب عن أخي سهل بن سعد بني ساعدة { الأنصار جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل ؟ فأنزل الله عز وجل في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قضى فيك وفي امرأتك } فتلاعنا وأنا شاهد ثم فارقها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت السنة بعد فيهما أن يفرق بين المتلاعنين قال فكانت حاملا فأنكره فكان ابنها يدعى إلى أمه ( قال أن رجلا من ) رحمه الله تعالى في حديث الشافعي دليل على أن ابن أبي ذئب قال فكانت سنة المتلاعنين وفي حديث سهل بن سعد مالك وإبراهيم كأنه قول ابن شهاب وقد يكون هذا غير مختلف يقوله مرة ابن شهاب ولا يذكر سهلا ويقوله أخرى ويذكر سهلا ووافق ابن أبي ذئب فيما زاد في آخر الحديث على حديث إبراهيم بن سعد وقد حدثنا مالك سفيان عن ابن شهاب عن قال شهدت المتلاعنين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة ثم ساق الحديث ولم يتقنه إتقان هؤلاء أخبرنا سهل بن سعد سعيد بن سالم عن أن ابن جريج يحيى بن سعيد حدثه عن عن القاسم بن محمد { ابن عباس } أخبرنا أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : والله ما لي عهد بأهلي منذ عفار النخل وعفارها أنها إذا كانت تؤبر تعفر أربعين يوما ولا تسقى إلا بعد الإبار قال فوجدت مع امرأتي رجلا قال وكان زوجها مصفرا حمش الساقين سبط الشعر والذي رميت به خدلا إلى السواد جعدا قططا مستها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بين ثم لاعن بينهما فجاءت برجل يشبه الذي رميت به عن ابن عيينة عن أبي الزناد قال شهدت القاسم بن محمد رضي الله عنهما يحدث بحديث المتلاعنين قال فقال له رجل أهي التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو كنت راجما أحدا بغير بينة رجمتها ؟ " فقال ابن عباس لا ، تلك امرأة كانت قد أعلنت أخبرنا ابن عباس عن عبد العزيز بن محمد يزيد بن الهاد عن عبد الله بن يونس أنه سمع يحدث عن المقبري قال محمد بن كعب القرظي وحدثني المقبري رضي الله عنه " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { أبو هريرة } وسمعت لما نزلت آية المتلاعنين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه به على رءوس الأولين والآخرين يقول أخبرنا ابن عيينة عمرو بن دينار عن عن سعيد بن جبير { ابن عمر } ( أخبرنا ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها قال يا رسول الله مالي قال لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها أو منه عن سفيان بن عيينة أيوب عن قال " سمعت سعيد بن جبير يقول { ابن عمر بني العجلان قال هكذا بأصبعه المسبحة والوسطى فقرنهما الوسطى والتي تليها يعني المسبحة قال الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب . } فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي
( أخبرنا ) عن مالك عن نافع { ابن عمر } ( قال أن رجلا لاعن امرأته [ ص: 136 ] في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة ) ففي حكم اللعان في كتاب الله ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم دلائل واضحة ينبغي لأهل العلم أن ينتدبوا بمعرفته ثم يتحروا أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم في غيره على أمثاله فهو دون الفرض وتنتفي عنهم الشبه التي عارض بها من جهل لسان العرب وبعض السنن وغبي عن موضع الحجة منها { الشافعي عويمرا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل وجد مع امرأته رجلا فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل } . وذلك أن أن عويمرا لم يخبره أن هذه المسألة كانت ، وقد أخبرنا عن إبراهيم بن سعد ابن شهاب عن عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { عامر بن سعد } وأخبرنا إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يكن فحرم من أجل مسألته عن ابن عيينة ابن شهاب عن عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه قال الله عز وجل { عامر بن سعد لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } إلى قوله { بها كافرين } ( قال ) رحمه الله تعالى : كانت المسائل فيها فيما لم ينزل إذا كان الوحي ينزل بمكروه لما ذكرت من قول الله تبارك وتعالى ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره فيما في معناه وفي معناه كراهية لكم أن تسألوا عما لم يحرم فإن حرمه الله في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم حرم أبدا إلا أن ينسخ الله تحريمه في كتابه أو ينسخ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم سنة لسنة . الشافعي
وفيه دلائل على أن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم حرام بإذن الله تعالى إلى يوم القيامة بما وصفت وغيره من افتراض الله تعالى طاعته في غير آية من كتابه وما جاء عنه صلى الله عليه وسلم مما قد وصفته في غير هذا الموضع ، وفيه دلالة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وردت عليه هذه المسألة وكانت حكما وقف عن جوابها حتى أتاه من الله عز وجل الحكم فيها { لعويمر قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك } فلاعن بينهما كما أمر الله تعالى في اللعان ثم فرق بينهما وألحق الولد بالمرأة ونفاه عن الأب وقال له { فقال } ولم يردد الصداق على الزوج فكانت هذه أحكاما وجبت باللعان ليست باللعان بعينه فالقول فيها واحد من قولين ، أحدهما أني سمعت ممن أرضى دينه وعقله وعلمه يقول إنه لم يقض فيها ولا غيرها إلا بأمر الله تبارك وتعالى قال : فأمر الله إياه وجهان أحدهما وحي ينزله فيتلى على الناس والثاني رسالة تأتيه عن الله تعالى بأن افعل كذا فيفعله ولعل من حجة من قال هذا القول أن يقول قال الله تبارك وتعالى { لا سبيل لك عليها وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم } فيذهب إلى أن الكتاب هو ما يتلى عن الله تعالى والحكمة هي ما جاءت به الرسالة عن الله مما بينت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله عز وجل لأزواجه صلى الله عليه وسلم { واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة } ولعل من حجته أن يقول { } وجلد ابن الرجل مائة وغربه عاما ، ولعله يذهب إلى أنه إذا انتظر الوحي في قضية لم ينزل عليه فيها انتظره كذلك في كل قضية وإذا كانت قضية أنزل عليه كما أنزل في حد الزاني وقضاها على ما أنزل عليه وإذا ما أنزلت [ ص: 137 ] عليه جملة في تبيين عن الله يمضي معنى ما أراد بمعرفة الوحي المتلو والرسالة إليه التي تكون بها سنته لما يحدث في ذلك المعنى بعينه ( وقال غيره ) سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهان : أحدهما ما تبين مما في كتاب الله المبين عن معنى ما أراد الله بحمله خاصا وعاما ، والآخر ما ألهمه الله من الحكمة وإلهام الأنبياء وحي ولعل من حجة من قال هذا القول أن يقول قال الله عز وجل فيما يحكى عن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي الزاني بامرأة الرجل الذي صالحه على الغنم والخادم والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله عز ذكره أما إن الغنم والخادم رد عليك وإن امرأته ترجم إذا اعترفت إبراهيم { إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر } فقال غير واحد من أهل التفسير رؤيا الأنبياء وحي لقول ابن إبراهيم الذي أمر بذبحه { يا أبت افعل ما تؤمر } ومعرفته أن رؤياه أمر أمر به وقال الله تبارك وتعالى لنبيه { وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس } إلى قوله { في القرآن } ( وقال غيرهم ) سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي وبيان عن وحي وأمر جعله الله تعالى إليه بما ألهمه من حكمته وخصه به من نبوته وفرض على العباد اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابه ( قال ) وليس تعدو السنن كلها واحدا من هذه المعاني التي وصفت باختلاف من حكيت عنه من أهل العلم وأيها كان فقد ألزم الله تعالى خلقه وفرض عليهم اتباع رسوله فيه ، وفي انتظار رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي في المتلاعنين حتى جاءه فلاعن ثم سن الفرقة وسن نفي الولد ولم يرد الصداق على الزوج وقد طلبه دلالة على أن سنته لا تعدو واحدا من الوجوه التي ذهب إليها أهل العلم بأنها تبين عن كتاب الله إما برسالة من الله أو إلهام له وإما بأمر جعله الله إليه لموضعه الذي وضعه من دينه وبيان الأمور منها أن الله تعالى أمره أن يحكم على الظاهر ولا يقيم حدا بين اثنين إلا به لأن الظاهر يشبه الاعتراف من المقام عليه الحد أو بينة ولا يستعمل على أحد في حد ولا حق وجب عليه دلالة على كذبه ولا يعطي أحدا بدلالة على صدقه حتى تكون الدلالة من الظاهر في العام لا من الخاص فإذا كان هذا هكذا في أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من بعده من الولاة أولى أن لا يستعمل دلالة ولا يقضي إلا بظاهر أبدا فإن قال قائل ما دل على هذا ؟ قلنا { } فحكم على الصادق والكاذب حكما واحدا أن أخرجهما من الحد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين إن أحدكما كاذب } فجاءت به على النعت المكروه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن جاءت به أحيمر فلا أراه إلا قد كذب عليها وإن جاءت به أدعج فلا أراه إلا قد صدق إن أمره لبين لولا ما حكم الله } فأخبر أن صدق الزوج على الملتعنة بدلالة على صدقه وكذبه بصفتين فجاءت دلالة على صدقه فلم يستعمل عليها الدلالة وأنفذ عليها ظاهر حكم الله تعالى من ادراء الحد وإعطائها الصداق مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن أمره لبين لولا ما حكم الله } وفي مثل معنى هذا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله { } فأخبر أنه يقضي على الظاهر من كلام الخصمين وإنما يحل لهما ويحرم عليهما فيما بينهما وبين الله على ما يعلمان ، ومن مثل هذا المعنى من كتاب الله قول الله عز وجل { إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار إذا جاءك المنافقون } إلى قوله { الكاذبون } فحقن رسول الله صلى الله عليه وسلم دماءهم بما أظهروا من الإسلام وأقرهم على المناكحة والموارثة وكان الله أعلم بدينهم بالسرائر فأخبره الله تعالى أنهم في النار فقال { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } وهذا يوجب على الحكام ما وصفت من ترك الدلالة الباطنة والحكم بالظاهر [ ص: 138 ] من القول أو البينة أو الاعتراف أو الحجة ودل أن عليهم أن ينتهوا إلى ما انتهى بهم إليه كما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين إلى ما انتهى به إليه ولم يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم الله وأمضاه على الملاعنة بما ظهر له من صدق زوجها عليها بالاستدلال بالولد أن يحدها حد الزانية فمن بعده من الحكام أولى أن لا يحدث في شيء لله فيه حكم ولا لرسوله صلى الله عليه وسلم غير ما حكما به بعينه أو ما كان في معناه وواجب على الحكام والمفتين أن لا يقولوا إلا من وجه لزم من كتاب الله أو سنة أو إجماع فإن لم يكن في واحد من هذه المنازل اجتهدوا عليه حتى يقولوا مثل معناه ولا يكون لهم والله أعلم أن يحدثوا حكما ليس في واحد من هذا ولا في مثل معناه ولما حكم الله على الزوج يرمي المرأة باللعان ولم يستثن إن سمى من يرميها به أو لم يسمه ورمى العجلاني امرأته برجل بعينه فالتعن ولم يحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم المرمي بالمرأة والتعن العجلاني استدللنا على أن الزوج إذا التعن لم يكن للرجل الذي رماه بامرأته عليه حد ولو كان أخذه له رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث إلى المرمي فسأله فإن أقر حد وإن أنكر حد له الزوج .