الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
6472 6866 - وقال حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=939336قال النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=53للمقداد :" nindex.php?page=treesubj&link=30544_30787_8106إذا كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته ، فكذلك كنت أنت تخفي إيمانك بمكة من قبل " . [ فتح: 12 \ 187 ]
nindex.php?page=treesubj&link=23604الدية : واحدة الديات ، والهاء عوض من الواو ، تقول : وديت القتيل أديه دية إذا أعطيت ديته ، واتديت : أخذت ديته ، وإذا أمرت منه قلت : د فلانا ، وللاثنين : ديا فلانا ، وللجماعة : دوا فلانا ، قاله أبو نصر .
[ ص: 293 ] وقال القزاز : هي من وديت مثل الزنة من وزنت . وقال في " المغرب " : هي مصدر ودي القتيل إذا أعطي وليه ديته ، وأصل التركيب على معنى الجري والخروج ، ومنه : الوادي ؛ لأن الماء يدي فيه ، أي : يجري .
ثم قال : nindex.php?page=treesubj&link=33480_30443_28913_28975وقوله تعالى nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=93ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم [ النساء : 93 ] وهذه الآية سلفت في التفسير ، وذكرنا خلاف العلماء فيه واضحا ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وزيد nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أنه لا توبة له ، وقيل : إن آية الفرقان تكون في الشرك .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16001سعيد بن ميناء عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، سأله رجل فقال : قتلت رجلا فهل من توبة ؟ قال : تزود من الماء البارد فإنك لا تدخلها أبدا .
وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=44وأبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أيضا ، وروى عن علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أن القاتل له توبة ، وقاله جماعة من التابعين .
واحتجوا أيضا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت nindex.php?page=hadith&LINKID=656914أنه - عليه السلام - أخذ عليهم في بيعة العقبة أن من أصاب ذنبا فأمره إلى الله ، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له .
قال : ويحتمل أن يريد أنه قتله مستحلا ، أو يريد إن جوزي أو إن لم يتب ، وقد سلف ذلك واضحا فراجعه .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12510ابن أبي عاصم في " الديات " حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا :" nindex.php?page=hadith&LINKID=689227خمس ليس لهن كفارة : الشرك بالله ، وقتل النفس بغير حق . . ."
[ ص: 295 ] الحديث .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر : المروي عن علي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس في أن القاتل له توبة ، فروي من طريق لا يحتج بها .
قلت : أخرج رواية nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق عنه . ورواية nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أخرجها أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12139أبو مالك الأشجعي عن سعيد بن عبيدة عنه .
ثم ساق في الباب أحاديث :
أحدها :
حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - : يا رسول الله ، أي الذنب أعظم ؟ . . الحديث .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته مخافة الفاقة ، فحرم الله تعالى قتل الأطفال ، وأخبر رسوله أن ذلك ذنب عظيم بعد الكفر ، وجعل بعده في العظم الزنا بحليلة الجار ؛ لعظم حق الجار وتأكيد حرمته .
[ ص: 296 ] وقد سلف هذا قريبا في باب إثم الزنا ، والند : النظير والمثل ، وكذلك النديد .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" nindex.php?page=hadith&LINKID=656355لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ، ما لم يصب دما حراما " . فيه : nindex.php?page=treesubj&link=18081تعظيم حرمة دم المؤمنين .
ومنه الحديث الثالث حديثه أيضا :
إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله . والورطة : المهلك ، يقال : وقعوا في ورطة أي : بلية ، فشبه أكثر العامة ( . . .) .
قال رؤبة : فأصبحوا في ورطة الأوراط .
وأصل الورطة أرض مطمئن لا طريق فيها .
الحديث الرابع :
حديث nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله ، هو ابن مسعود قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :" nindex.php?page=hadith&LINKID=670191أول ما يقضى بين الناس في الدماء " . وقد سلف أن هذا في المظالم ؛ لعظم القتل على كل مظلمة ؛ لذلك قال :" بين الناس " .
[ ص: 297 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : وذلك لأن الكفر إنما هو بين الله وعباده وأن حديث :" أول ما ينظر الله فيه الصلاة " في خاصة نفسه بعد الانتصاف من المظالم ولا يبقى تباعة إلا لله بالصلاة فلا معارضة بينهما .
الحديث الخامس :
حديث nindex.php?page=showalam&ids=53المقداد بن عمرو - رضي الله عنه - nindex.php?page=hadith&LINKID=656358قال : يا رسول الله ، إن لقيت كافرا فاقتتلنا . . الحديث .
الحديث السادس :
وقال حبيب بن أبي عمرة ، عن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : nindex.php?page=hadith&LINKID=939336قال - صلى الله عليه وسلم - للمقداد :" إذا كان رجل يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته ، فكذلك كنت أنت تخفي إيمانك بمكة من قبل " ، وهو مبشر مؤمن .
وقوله : ( وقال حبيب ) إلى آخره ، أخرجه ابن سعد في " طبقاته " عن nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عنه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، به .
فإن قلت : كيف قطع يده وهو ( ممن ) يكتم إيمانه ؟ قيل : إنما دفع عن نفسه من يريد قتله ، فجاز له ذلك كما جاز للمؤمن إذا أراد أن يقتله مؤمن أن يدفع عن نفسه ، فإن اضطره الدافع عن نفسه إلى قتل الظالم دون قصد إلى إرادة قتله فهو هدر ؛ فلذلك لم يقد - عليه السلام - من يد المقداد ، كما لم يقد قتيل أسامة ، لأنه قتله متأولا .
[ ص: 298 ] قلت : المقداد لم يقطع يده ، وإنما قال ذلك للشارع على جهة التمثيل ؛ لأنه قال : ( إن لقيت كافرا ) إلى آخره .
ويحتمل قوله :" فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله " ، أنه مغفور له بشهادة التوحيد كما أنت مغفورا لك بشاهدة بدر ، وقوله :" فإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته " ، يعني : إنك قاصد لقتله عمدا آثم كما كان هو أيضا قاصدا لقتلك عمدا آثما ، فأنت في مثل حاله من العصيان إلا أن واحدا منهما يكفر بقتل المسلم ؛ لأن إتيان الكبائر لمن صح له عقد التوحيد لا يخرجه إلى الكفر ، وإنما هي ذنوب موبقات ، لله تعالى أن يغفرها لكل من لا يشرك به شيئا .
وقال ابن القصار : معنى قوله " وأنت بمنزلته قبل أن يقولها " في إباحة الدم ، لا أنه كافر بذلك ، وإنما قصد ردعه وزجره عن قتله ؛ لأن الكافر إذا أسلم فقتله حرام .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي : يعني : إنك ( صرت قاتلا كما كان هو قاتلا ) ، قال : وهذا من المعاريض ؛ لأنه أراد الإغلاظ في ظاهر اللفظ خلاف باطنه .
فصل :
قوله : ( ثم لاذ بشجرة ) أي لجأ إليها وعاذ بها ؛ لقوله للمقداد :" فإنك بمنزلته قبل أن يقولها " ومعناه : أنه يجوز أن يكون اللائذ بالشجرة القاطع لليد مؤمنا يكتم إيمانه مع قوم كفار غلبوه على نفسه ، وإن قتلته فأنت شاك في قتلك إياه أي منزله من العمد والخطأ كما ( كان )
[ ص: 299 ] هو مشكوكا في إيمانه ، يجوز أن ( يكون ) يكتم إيمانه ، وكذلك فسره المقداد كما فهمه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله :" فكذلك . ." إلى آخره . وأنت مع قوم كفار في جملتهم وعددهم مكثرا ومحرما ، فكذلك الذي لاذ بشجرة وأظهر إيمانه لعله كان ممن يكتم إيمانه ، وهذا كله معناه nindex.php?page=treesubj&link=33480_25124النهي عن قتل من يشهد بالإيمان .