( 4187 ) مسألة قال : ( ومن استؤجر لعمل شيء بعينه ، فمرض ، أقيم مقامه من يعمله ، والأجرة على المريض ) وجملة ذلك ، أنه يجوز ، بغير خلاف بين أهل العلم ، وقد آجر استئجار الآدمي موسى عليه السلام نفسه لرعاية الغنم . واستأجر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا ليدلهما على الطريق { وأبو بكر أهل الكتاب ، كمثل رجل استأجر أجراء ، فقال : من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ فعملت اليهود . ثم قال : من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر على قيراط قيراط ؟ فعملت النصارى . ثم قال : من يعمل لي من العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ فعملتم أنتم . فغضبت اليهود والنصارى ، وقالوا : نحن أكثر عملا وأقل أجرا فقال : هل ظلمتكم من أجركم شيئا ؟ قالوا : لا . قال : فإنما هو فضلي أوتيه من أشاء } . ولأنه يجوز الانتفاع به مع بقاء عينه ، فجازت إجارته ، كالدور . ثم إجارته تقع على ضربين أحدهما استئجاره مدة بعينها ، لعمل بعينه ، كإجارة . وذكر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا استأجر أجراء ، كل أجير بفرق من ذرة ، وقال : إنما مثلكم ومثل موسى عليه السلام نفسه ثماني حجج ، واستئجار الأجراء المذكورين في الخبر
والثاني ، استئجاره على عمل معين في الذمة ، كاستئجار النبي صلى الله عليه وسلم دليلا يدلهما على الطريق ، واستئجار رجل لخياطة قميص أو بناء حائط ، ويتنوع ذلك نوعين : أحدهما أن تقع الإجارة على عين ، كإجارة عبده لرعاية غنمه ، أو ولده لعمل معين . والثاني أن تقع على عمل في الذمة [ ص: 267 ] كخياطة قميص وبناء حائط ، فمتى كانت على عمل في ذمته فمرض ، وجب عليه أن يقيم مقامه من يعمله ; لأنه حق وجب في ذمته ، فوجب عليه إيفاؤه ، كالمسلم فيه ، ولا يجب على المستأجر إنظاره ; لأن العقد بإطلاقه يقتضي التعجيل ، وفي التأخير إضرار به وأبي بكر
فأما إن كانت الإجارة على عبده في مدة أو غيرها ، فمرض لم يقم غيره مقامه ; لأن الإجارة وقعت على عمله بعينه ، لا على شيء في ذمته ، وعمل غيره ليس معقودا عليه ، وإنما وقع العقد على معين ، فأشبه ما لو اشترى معينا ، لم يجز أن يدفع إليه غيره ، ولا يبدله ، بخلاف ما لو وقع في الذمة ، فإنه يجوز إبدال المعيب ، ولا ينفسخ العقد بتلف ما تسلمه ، والمبيع المعين بخلافه ، فكذلك الإجارة . وإن كانت الإجارة على عمل في الذمة ، لكنه لا يقوم غير الأجير مقامه ، كالنسخ ، فإنه يختلف القصد فيه باختلاف الخطوط ، لم يكلف إقامة غيره مقامه ، ولا يلزم المستأجر قبول ذلك إن بذله الأجير ; لأن الغرض لا يحصل من غير الناسخ ، كحصوله منه ، فأشبه ما لو أسلم إليه في نوع ، فسلم إليه غيره
وهكذا كل ما يختلف باختلاف الأعيان .