( 3935 ) الفصل الثاني : أنه إذا لزم الغاصب ذلك . ولا نعلم فيه خلافا ; لما روى غرس في أرض غيره بغير إذنه ، أو بنى فيها ، فطلب صاحب الأرض قلع غراسه أو بنائه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، } رواه ليس لعرق ظالم حق أبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن . وروى أبو داود ، وأبو عبيد في الحديث أنه قال : فلقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث ، { بني بياضة ، فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى للرجل بأرضه ، وقضى للآخر أن ينزع نخله . قال : فلقد رأيتها تضرب في أصولها بالفؤوس ، وإنها لنخل عم } . . أن رجلا غرس في أرض رجل من الأنصار ، من
ولأنه شغل ملك غيره ، بملكه الذي لا حرمة له في نفسه ، بغير إذنه ، فلزمه تفريغه ، كما لو جعل فيه قماشا . وإذ قلعها لزمه تسوية الحفر ، ورد الأرض إلى ما كانت عليه ; لأنه ضرر حصل بفعله في ملك غيره ، فلزمته إزالته . وإن أراد صاحب الأرض أخذ الشجر والبناء بغير عوض ، لم يكن له ذلك ; [ ص: 142 ] لأنه عين مال الغاصب ، فلم يملك صاحب الأرض أخذه ، كما لو وضع فيها أثاثا أو حيوانا . وإن طلب أخذه بقيمته ، وأبي مالكه إلا القلع ، فله القلع ; لأنه ملكه ، فملك نقله . ولا يجبر على أخذ القيمة ; لأنها معاوضة ، فلم يجبر عليها .
وإن اتفق على تعويضه عنه بالقيمة أو غيرها ، جاز ; لأن الحق لهما ، فجاز ما اتفقا عليه . وإن وهب الغاصب الغراس والبناء لمالك الأرض ، ليتخلص من قلعه ، وقبله المالك ، جاز . وإن أبى قبوله ، وكان في قلعه غرض صحيح لم يجبر على قبوله ; لما تقدم ، وإن لم يكن فيه غرض صحيح احتمل أن يجبر على قبوله ; لأن فيه رفع الخصومة من غير غرض يفوت ، ويحتمل أن لا يجبر ; لأن فيه إجبارا على عقد يعتبر الرضى فيه .
فالكل لمالك الأرض . فإن طالبه المالك بقلعه ، وفي قلعه غرض ، أجبر على قلعه ; لأنه فوت عليه غرضا مقصودا بالأرض ، فأخذ بإعادتها إلى ما كانت ، وعليه تسوية الأرض ، ونقصها ، ونقص الغراس ; لما ذكرنا . وإن لم يكن في قلعه غرض ، لم يجبر على قلعه ; لأنه سفه ، فلا يجبر على السفه . وإن غصب أرضا وغراسا من رجل واحد ، فغرسه فيها
وقيل : يجبر ; لأن المالك محكم في ملكه ، والغاصب غير محكم ، فإن أراد الغاصب قلعه ، ومنعه المالك لم يملك قلعه ; لأن الجميع ملك للمغصوب منه ، فلم يملك غيره التصرف فيه بغير إذنه .